تحتاج لعيني طفل!

تحتاج لعيني طفل!

قبل فترة طويلة كتبت مقالاً بعنوان "تأملات في أخلاق الأطفال" قلت فيه:
إن أردت معرفة الأخلاق الفطرية للإنسان.. أو التعرف على جوهره الحقيقي وغرائزه الأساسية.. أو رؤية دوافعه الأصيلة قبل تأثره بأخلاق المجتمع وتربية الوالدين.. أو حتى كيف كان الإنسان البدائي يتصرف قبل ملايين السنين.. راقب ببساطة تصرفات الأطفال! فالأطفال أنانيون (يستحوذون على الأشياء الجميلة لأنفسهم) وبخلاء (لا يتشاركون فيها مع غيرهم) وأصحاب مصالح (لعبني وألعبك) وعنيفون (يتعاركون لأدنى سبب) وعنصريون (يستثنون دائماً الصغير والغريب والجنس المختلف عن مجموعتهم).

وقلت حينها إن هذه ليس تهماً، بل دليل على أصل الإنسان ودوافعه الأساسية قبل أن تهذبه تربية الوالدين وقيم المجتمع.. فقبل أن تُهذب التربية أخلاق الإنسان يتصرف كطفل نقي وصفحة بيضاء لم يكتب عليها شيء.. يتصرف كما هو في الأصل، مخلوق يصارع من أجل مصلحته الشخصية قبل مصلحة الآخرين!!

أضف لهذا؛ هناك ملاحظة معاكسة (ولكنها إيجابية هذه المرة) مفادها أن الإنسان في أصله وفطرته مخلوق مبدع وعبقري ولا يكف عن التساؤل.. يتضح ذلك من كثرة الأسئلة التي يطرحها الأطفال وتصيبنا في كثير من الأحيان بالحيرة والصداع..
أذكر أنني قرأت دراسة روسية تفيد بأن نسبة المبدعين بين الأطفال تصل إلى90% حتى سن الخامسة ثم تنخفض بسرعة إلى10% في سن السابعة وما أن يصل الطفل إلى سن الثامنة حتى تنحدر موهبة الإبداع لديه إلى 2% فقط . وما يحدث هنا (حسب تصوري) أن ثماني سنوات من الإرشاد والتوجية ناهيك عما يفرض عليه في المدرسة تؤدي إلى طمس موهبة التمرد والتساؤل والاستغراب لدى الأطفال (وهذه العناصر بالذات من أهم المواهب الواجب توفرها في أي مكتشف ومبدع).
وفي الحقيقة كل من درس دوافع الإبداع لدى العباقرة يكتشف أن معظمهم احتفظ بطريقة ما بدهشة الطفولة حتى سن متقدمة من العمر؛ فالأسئلة الطفولية الساذجة (لماذا وكيف ومتى وأين؟) التي نسمعها من أطفالنا الصغار هي المحرض الأول للاستكشاف والإبداع.. أما حين نكبر؛ تصاب أدمغتنا بالصدأ، وتستسلم عقولنا للمسلمات، وتتحول الظواهر حولنا إلى بديهيات وماهي كذلك!
وما يبدو لي أن العباقرة هم الفئة الوحيدة التي ماتزال تحتفظ بدهشة الطفولة وتطرح أسئلة ساذجة نعرفها كلنا.. خذ كمثال مونغوليفيه الذي اخترع المنطاد بعد سؤال طفولي ساذج (لماذا يصعد الدخان إلى الأعلى؟) وأديسون الذي اخترع المصباح بعد تساؤله (لماذا يضيء السلك حين يسخن؟) وفارادي الذي أكتشف المحرك الكهربائي بعد (لماذا يجذب المغناطيس الحديد؟) ونيوتين الذي اكتشف الجاذبية بعد (لماذا يسقط التفاح من الشجر؟)... وهي بلا شك أسئلة طفولية تذكرنا بأسئلة سمعناها من أطفالنا مثل لماذا لون السماء أزرق؟ ولماذا لا يغرق السمك؟ وكيف أصبحت البحار مالحة؟..

ومقالي اليوم مجرد تذكير بوجود أصل فطري للعبقرية وحب الاستكشاف في أعماق الإنسان.. دعوة للعودة إلى دهشة الطفولة وعدم التحرج من طرح الأسئلة التي قد تبدو لأول وهلة أنها ساذجة في حين أنها أصل العبقرية والإبداع.
حبيب قلبي ؛ المعجزات تحيط بنا من كل جانب، وكل ما تحتاجه عيني طفل صغير!.


مما تصفحت صبيحة هذا اليوم -مقال الكاتب المعرفي / فهد عامر الأحمدي- مقال جميل ورائع

مقال رائع دائما تتمحور انتقآئآتك حول مثل هذه المقآلات الخآرقه والتي تنمي الفكر
اشكرك ياصديقي..[emoji257]

الروعه والجمال هو مرورك على هذا الموضوع .. أشكرك يا عزيزي على تفاعلك الدائم

وردة تليق بالأمير

تروق لي قراءتك القيمة اخي تليدي
مقال بقمة الجمال ، يجسد لنا بان الطفولة آصل البراءة والبراعة والابداع ..
تذكرت ذلك الطفل النابغة والذي احتكيت به احتكاكآ مباشرآ ، كم كنت آخاف عليه من شدة فراسته وذكآئه الخارق
وعندما اصبح احد طلاب الصفوف الآوليه بدآ يتضح ذلك جليآ عليه من قبل الجهات التعليمية حتى خضع تحت الآختبار
وأُختير كّ ثآني طفل موهوب في المملكة ليدرس في مدارس الموهوبين الخاصة ليُستغل فكره في اشيآء آكبرواجمل..
ولكن يشاء القدر ان يرفض والداه ان يبتعد عنهم وهو لازال بهذا السن الصغير .. كم هي محطمه ومحبطه قرارات الاهل في بعض الآحيآن !

شكرآ كبيرة ولا تفي آخي تليدي وافتخر..

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحره

تروق لي قراءتك القيمة اخي تليدي

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحره

مقال بقمة الجمال ، يجسد لنا بان الطفولة آصل البراءة والبراعة والابداع ..

تذكرت ذلك الطفل النابغة والذي احتكيت به احتكاكآ مباشرآ ، كم كنت آخاف عليه من شدة فراسته وذكآئه الخارق
وعندما اصبح احد طلاب الصفوف الآوليه بدآ يتضح ذلك جليآ عليه من قبل الجهات التعليمية حتى خضع تحت الآختبار
وأُختير كّ ثآني طفل موهوب في المملكة ليدرس في مدارس الموهوبين الخاصة ليُستغل فكره في اشيآء آكبرواجمل..
ولكن يشاء القدر ان يرفض والداه ان يبتعد عنهم وهو لازال بهذا السن الصغير .. كم هي محطمه ومحبطه قرارات الاهل في بعض الآحيآن !

شكرآ كبيرة ولا تفي آخي تليدي وافتخر..

رؤية الكاتب اتفق معها فهكذا يولد الإنسان بروح التساؤل لمعرفة ما يدور حوله ولكن للأسف ، يكبت الكثير منا هذه التساؤلات بحجة سخافتها ، وحبنا الجم لكل ما هو تقليدي ..بل وإيماننا الأرعن بكل ماهو موجود أمامنا وتسليمنا به.

هناك الكثير من الموهوبين ، أختي الحرة، ولكن طالما وئدت هذه المواهب في المهد بقرارات عاطفية ..

أشكرك على إضافتكِ الجميلة وشكراً لكِ على هذه الطلة الرائعة هنا

مقال واقعي وسليم
ماينقص الكثير هو كيفية اكتشاف المواهب لدى ابنائهم وتنمية هذه المواهب والابداعات خصوصا مرحلة ماقبل الدراسه لتكمل المدرسه رعاية هذه المواهب والحفاظ عليها وحسن استغلالها وتوجيهها في المفيد

شكر ابوخالد مقال جدا مهم ومفيد ويستحق القرائه

اكتفي فقط بالفرجه حتى الدهشه
حقا كثيره استوقفتني تلك المعلومه
ومكثت ع ثنايا سطورها متأملا

عندي ملااحظه صغننونه استاذي
بنظرك وع حسب خبرتك
هل المخزون من حياة النشئ الفطري
للاطفال فعلا يتلاشى لمجرد انه يتدرج
في حياته السنيه ام انه يحتاج فقط لدعمها
في تنميتها من قبل الاسره ومراحل التعليم

فهناك معلومه اخرى ان الموهبه المستكشفه
حاليا تصاب بالتلف الحقيقي من خلال اقتناء
والتعامل مع الاجهزه الذكيه
وتصبح البراءه تبات وهي ترى ما تخالف فطرتها
اذا نحتاج اكثر واكثر استاذي
ريلاكس مر من هنا يوما

تميم

إطلالة جميلة وإضافة رائعة منك .. راق لي ما سطره قلمك هنا

"تحيةً لك ، مع الشكر.."

أخي / ريلاكس

شكراً لك أولاً على مرورك وتعليقك الجميل جداً وهو إضافة للموضوع بلا شك..

بالنسبة للطفل ، من وجهة نظري المتواضعة، أن فطرته تجعله يتساءل عما حوله ولكن يحتاج هذا المخزون كما أسميته إلى صبر وتنمية وتشجيع في مراحل عمره الأولية ليتطور فكره وترقى موهبته وتضيء مجتمعه.. ويجابه الكبت ويتجنب الاستسلام لكل شيء والتعامل معه على أنه أمر مسلّم به..

أشكرك مرة أخرى يا "ريلاكس"

تحية عطرة..