وكالة أبحاث الفضاء... أم جامعة الإمام؟! للكاتب تركي الدخيل

تركي الدخيل

وكالة أبحاث الفضاء... أم جامعة الإمام؟

! لم يستطع العبد الفقير إلى الله إكمال قراءة الخبر الذي سأحدثكم عنه اليوم، وسبق أن عرج عليه جاري صالح الشيحي أمس، واضطررت إلى فرك عينيّ التي سيأكلهما الدود مراراً، ثم طلبت الشخص القريب مني، أن يقرصني لأتأكد أفي علم أنا أم في عالم الأحلام، فقرصني حتى قلت: ليتي لم أقترح عليه ما يؤذيني فيه.
غير أن الإيذاء الحقيقي والأشد والأنكى كان في الخبر الذي يقول إن المبلغ الذي رصدته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لتطوير موقعها الإلكتروني يتجاوز 200 مليون ريال سعودي!
قال أبو عبدالله غفر الله له: قولهم يتجاوز، فيه دلالة على أنه قد "يصفق" الثلاثمائة مليون ريال، والحسابة بتحسب، ويا قلب لا تحزن.
الخبر نقلته وكالة الأنباء السعودية، عن مدير الجامعة، وقد ظننت وأنا أقرأ الخبر، أن الموقع يعود لوكالة أبحاث الفضاء (ناسا)، لكن رسم حروف جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تختلف كلياً عن وكالة أبحاث الفضاء هذه!
أكثر من مئتي مليون ريال، لتطوير موقع!
لاحظوا أيضاً أنه تطوير وليس خلق موقع جديد من البداية.
وعلى أن زيداً أخو مبارك، بالنسبة لمئتي مليون ريال، إلا أن هذا مما زاد حنقي.
المصيبة الأخرى، أن من مبررات هذا الموقع الملياري، أن تتقدم الجامعة في تصنيف الجامعات بسبب موقعها الإلكتروني!
قال أبو عبدالله غفر الله له: "أمحق عذر، جعلكم ما تقدمتوا في تصنيف الجامعات يوماً، طالما التقدم يحتاج إلى ملياري ريال"! علماً بأن ترتيب جامعة الإمام وفق التصنيف العالمي لموقع ويبو ماتركس الإسباني عام 2008 كان 5715.
للتذكير فقط، فميزانية جامعة جازان السنوية 151 مليون ريال، وميزانية جامعة حائل 135 مليوناً، أما جامعة الجوف، فميزانيتها السنوية لا تتجاوز 130 مليوناً. أي أن موقع جامعة الإمام الإلكتروني سيكلف أكثر من ميزانية كل جامعة من الجامعات السابقة.
بل إن ميزانية جامعة الإمام نفسها، تبلغ 1500 مليون ريال، والمئتي مليون تساوي من الميزانية ذاتها 7.5%، أي إن سبعة ونصف بالمائة من مصاريف الجامعة ستسخّر لهذا المشروع الجبار، الذي سينهي الأميّة، ويرفع مستوى الوعي، وربما منسوب سوء استخدام المال العام، عياذاً بالله.
يهمنا أن يدخل السادة الفضلاء في جامعة الإمام عالم الإنترنت من أوسع أبوابه، وليس من أكبر ميزانياته!