من روائع الحكمة لابن حزم 1
من شغل نفسه بأدنى العلوم
وترك أعلاها وهو قادر عليه
كان كزارع الذرة في الأرض
التي يجود فيها البر ،
وكغارس الشَّعراء [شجرة من الحمض]
حيث يزكو النخل والزيتون.
نشر العلم عند من ليس من أهله مفسد لهم ،
كإطعامك العسل والحلواء من به احتراق وحمى
، أو كتشميمك المسك والعنبر لمن به صداع من احتدام الصفراء. الباخل بالعلم ،
ألأم من الباخل بالمال ؛ لأن الباخل بالمال أشفق من فناء ما بيده ،
والباخل بالعلم بخل بما لا يفنى على النفقة ، ولا يفارقه مع البذل.
من مال بطبعه إلى علم ما وإن كان أدنى من غيره ؛ فلا يشغلها بسواه ،
فيكون كغارس النارجيل بالأندلس، وكغارس الزيتون بالهند، وكل ذلك لا ينجب. أجل العلوم ما قربك من خالقك تعالى
، وما أعانك على الوصول إلى رضاه. انظر في المال والحال والصحة إلى من دونك ، وانظر في الدين والعلم والفضائل إلى من فوقك.
العلوم الغامضة كالدواء القوي ،
يُصْلح الأجساد القوية ،
ويُـهْلك الأجساد الضعيفة. وكذلك العلوم الغامضة ؛ تزيد العقل القوي جودة وتصفية من كل آفة ،
وتهلك ذا العقل الضعيف.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|