عرض مشاركة واحدة
قديم 01-13-2014   #8


الصورة الرمزية مفرح التليدي

 عضويتي » 948
 جيت فيذا » Jan 2012
 آخر حضور » منذ 2 يوم (09:28 PM)
مواضيعي » 574
آبدآعاتي » 10,318
تقييمآتي » 5000
الاعجابات المتلقاة » 41
الاعجابات المُرسلة » 17
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »  ذكر
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » مفرح التليدي سمته فوق السحابمفرح التليدي سمته فوق السحابمفرح التليدي سمته فوق السحابمفرح التليدي سمته فوق السحابمفرح التليدي سمته فوق السحابمفرح التليدي سمته فوق السحابمفرح التليدي سمته فوق السحابمفرح التليدي سمته فوق السحابمفرح التليدي سمته فوق السحابمفرح التليدي سمته فوق السحابمفرح التليدي سمته فوق السحاب
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع


اوسمتي

مفرح التليدي غير متواجد حالياً

افتراضي Re: مدونة أبو مسلم (قصص وفوائد ونوادر)





محاورة بين حاكم وعالم


دَخَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَدِينَةَ

فَأَقَامَ بِهَا ثَلاثًا

فَقَالَ : مَا هَا هُنَا رَجُلٌ مِمَّنْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا

فَقِيلَ لَهُ : بَلَى ، هَا هُنَا رَجُلٌ ، يُقَالُ لَهُ : أَبُو حَازِمٍ . فَبَعَثَ إِلَيْهِ ، فَجَاءَهُ

فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ، مَا هَذَا الْجَفَاءُ ؟

فَقَالَ لَهُ أَبُو حَازِمٍ : وَأَيَّ جَفَاءٍ رَأَيْتَ مِنِّي ؟

فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : أَتَانِي وُجُوهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كُلُّهُمْ وَلَمْ تَأْتِنِي .

فَقَالَ لَهُ : أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَقُولَ مَا لَمْ يَكُنْ

مَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَكَ مَعْرِفَةٌ آتِيكَ عَلَيْهَا

فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : صَدَقَ الشَّيْخُ .

فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ، مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ ؟

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : لأَنَّكُمْ أَخْرَبْتُمُ آخِرَتَكُمْ ، وَعَمَّرْتُمْ دُنْيَاكُمْ

فَأَنْتُمْ تَكْرَهُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَابِ .

قَالَ : صَدَقْتَ يَا أَبَا حَازِمٍ . فَكَيْفَ الْقُدُومُ ؟

قَالَ : أَمَّا الْمُحْسِنُ ، فَكَالْغَائِبِ ، يُقْدِمُ عَلَى أَهْلِهِ

وَأَمَّا الْمُسِيءُ ، فَكَالآبِقِ يُقْدِمُ عَلَى مَوْلاهُ .

قَالَ : فَبَكَى سُلَيْمَانُ ، وَقَالَ : لَيْتَ شِعْرِي ! مَا لَنَا عِنْدَ اللَّهِ يَا أَبَا حَازِمٍ ؟

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : اعْرِضْ نَفْسَكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَعْلَمْ مَا لَكَ عِنْدَ اللَّهِ .

فَقَالَ : يَا أَبَا حَازِمٍ ، أَيْنَ نُصِيبُ تِلْكَ مِنْ الْمَعْرِفَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ؟

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : عِنْدَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ { 13 } وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ { 14 } سورة الانفطار آية 13-14 .

فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ، فَأَيْنَ رَحْمَةُ اللَّهِ ؟

قَالَ أَبُو حَازِمٍ : قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ سورة الأعراف آية 56 .

قَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ، مَنْ أَعْقَلُ النَّاسِ ؟

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : مَنْ تَعَلَّمَ الْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهَا النَّاسَ .

فَقَالَ سُلَيْمَانُ : فَمَنْ أَحْمَقُ النَّاسِ ؟

قَالَ أَبُو حَازِمٍ ، مَنْ حَطَّ فِي هَوَى رَجُلٍ وَهُوَ ظَالِمٌ فَبَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ .

فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ : مَا أَسْمَعُ الدُّعَاءِ ؟

قَالَ أَبُو حَازِمٍ : دُعَاءُ الْمُخْبِتِينَ إِلَيْهِ .

قَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ، فَمَا أَزْكَى الصَّدَقَةُ ؟

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : جُهْدُ الْمُقِلِّ .

فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ، مَا تَقُولُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ ؟

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : اعْفِنَا مِنْ هَذَا .

قَال سُلَيْمَانُ : نَصِيحَةٌ بَلَّغْتَهَا ، فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : إِنَّ نَاسًا أَخَذُوا هَذَا الأَمْرَ مِنْ غَيْرِ مُشَاوَرَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلا إِجْمَاعٍ مِنْ رَأْيِهِمْ

فَسَفَكُوا فِيهَا الدِّمَاءَ عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ ارْتَحَلُوا عَنْهَا ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَا قَالُوا وَمَا قِيلَ لَهُمْ ؟ !


فَقَالَ بَعْضُ جُلَسَائِهِ : بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا شَيْخُ

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : كَذَبْتَ ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَخَذَ عَلَى الْعُلَمَاءِ لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا يَكْتُمُونَهُ .

فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ، كَيْفَ لَنَا أَنْ نَصْلُحَ ؟

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ ، تَدَعُوا التَّكَلُّفَ ، وَتَتَمَسَّكُوا بِالْمُرُوءَةِ

فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ، كَيْفَ الْمَأْخَذُ لِذَلِكَ ؟

قَالَ أَبُو حَازِمٍ : تَأْخُذُهُ مِنْ حَقِّهِ وَتَضَعُهُ فِي أَهْلِهِ .

فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : اصْحَبْنَا يَا أَبَا حَازِمٍ

وَتُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْكَ .

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ .

قَالَ سُلَيْمَانُ : وَلِمَ ؟ قَالَ : أَخَافُ أَنْ أَرْكَنَ إِلَيْكُمْ شَيْئًا قَلِيلا فَيُذِيقَنِي ضَعْفُ الْحَيَاةِ ، وَضَعْفُ الْمَمَاتِ .

فَقَالَ سُلَيْمَانُ : فَأَشِرْ عَلَيَّ يَا أَبَا حَازِمٍ

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : اتَّقِ أَنْ يَرَاكَ حَيْثُ نَهَاكَ ، وَأَنْ يَفْقِدَكَ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكَ .

قَالَ سُلَيْمَانُ : يَا أَبَا حَازِمٍ ! ادْعُ لَنَا بِخَيْرٍ . قَالَ أَبُو حَازِمٍ : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ سُلَيْمَانُ وَلِيَّكَ ، فَيَسِّرْهُ لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ

وَإِنْ كَانَ عَدُوَّكَ ، فَخُذْ إِلَى الْخَيْرِ بِنَاصِيَتِهِ .

قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ : عِظْ . قَالَ : قَدْ أَوْجَزْتَ إِنْ كُنْتَ وَلِيَّهُ

وَإِنْ كُنْتَ عَدُوَّهُ ، فَمَا يَنْفَعُكَ أَنْ أَرْمِيَ عَنْ قَوْسٍ بِغَيْرِ وَتَرٍ

فَقَالَ سُلَيْمَانُ : يَا غُلامُ ، إِيتْ بِمِائَةِ دِينَارٍ ، ثُمَّ قَالَ : خُذْهَا يَا أَبَا حَازِمٍ . فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ : لا حَاجَةَ لِي بِهَا

إِنِّي أَخَافُ لِمَا سَمِعْتَ مِنْ كَلامِي

إِنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمَّا هَرَبَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ ، وَجَدَ عَلَيْهَا الْجَارِيَتَيْنِ تَذُودَانِ

فَقَالَ : مَا لَكُمَا عَوْنٌ ؟ قَالَتَا : لا . فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ


فَقَالَ : رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ سورة القصص آية 24

وَلَمْ يَسَلِ اللَّهَ أَجْرًا عَلَى دِينِهِ

فَلَمَّا أَعْجَلَ بِالْجَارِيَتَيْنِ الانْصِرَافُ ، أَنْكَرَ ذَلِكَ أَبُوهُمَا ، وَقَالَ : مَا أَعْجَلُكُمَا الْيَوْمَ ؟ !

قَالَتَا : وَجَدْنَا رَجُلا صَالِحًا فَسَقَى لَنَا


فَقَالَ : فَمَا سَمِعْتُمَاهُ يَقُولُ ؟ قَالَ : قَالَتَا : سَمِعْنَاهُ يَقُولُ : رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ سورة القصص آية 24 .

قَالَ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا جَائِعًا ، تَنْطَلِقُ إِلَيْهِ إِحْدَاكُمَا فَتَقُولُ لَهُ : إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا

فَأَتَتْهُ تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ، قَالَ : عَلَى إِجْلالٍ ، قَالَتْ : إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا سورة القصص آية 25 .

قَالَ : فَجَزِعَ مِنْ ذَلِكَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَكَانَ طَرِيدًا فِي فَيَافِي الصَّحْرَاءِ ، فَأَقْبَلَ وَالْجَارِيَةُ أَمَامَهُ

فَهَبَّتِ الرِّيحُ ، فَوَصَفَتْهَا لَهُ ، كَانَتْ ذَاتَ خُلُقٍ ، فَقَالَ لَهَا : كُونِي خَلْفِي ، وَأَرِينِي السَّمْتَ

فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ دَخَلَ ، إِذَا طَعَامٌ مَوْضُوعٌ ، فَقَالَ : لَهُ شُعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلامُ : أَصِبْ يَا فَتًى مِنْ هَذَا الطَّعَامِ

قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ : أَعُوذُ بِاللَّهِ . قَالَ شُعَيْبٌ : وَلِمَ ؟ قَالَ مُوسَى : لأَنَّا فِي أَهْلِ بَيْتٍ لا نَبِيعُ دِينَنَا بِمِلْءِ الأَرْضِ ذَهَبًا

قَالَ شُعَيْبٌ : لا وَاللَّهِ ، وَلَكِنَّهَا عَادَتِي وَعَادَةُ آبَائِي ، نُطْعِمُ الطَّعَامَ وَنُقْرِي الضَّيْفَ ، فَجَلَسَ مُوسَى فَأَكَلَ

فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّنَانِيرُ عِوَضًا لِمَا سَمِعْتَ مِنْ كَلامِي ، فَلأَنْ أَرَى أَكْلَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمَ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آخُذَهَا .

فَكَأَنَّ سُلَيْمَانَ أُعْجِبَ بِأَبِي حَازِمٍ ، فَقَالَ بَعْضُ جُلَسَائِهِ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! أَيَسُرُّكَ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ مِثْلُهُ ؟

قَالَ الزُّهْرِيُّ : إِنَّهُ لَجَارِي مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً ، مَا كَلَّمْتُهُ بِكَلِمَةٍ قَطُّ .

فَقَالَ لَهُ أَبُو حَازِمٍ : صَدَقْتَ ، إِنَّكَ نَسِيتَ اللَّهَ فَنَسِيتَنِي ، وَلَوْ أَحْبَبْتَ اللَّهَ لأَحْبَبْتَنِي .

قَالَ الزُّهْرِيُّ : أَتَشْتِمُنِي ؟ فَقَالَ سُلَيْمَانُ : بَلْ أَنْتَ شَتَمْتَ نَفْسَكَ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلْجَارِ عَلَى الْجَارِ حَقًّا ؟

فَقَالَ أبَوُ حَازِمٍ : إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا كَانُوا عَلَى الصَّوَابِ

وَكَانَتِ الأُمَرَاءُ تَحْتَاجُ إِلَى الْعُلَمَاءِ ، فَكَانَتِ الْعُلَمَاءُ تَفِرُّ بِدِينِهَا مِنَ الأُمَرَاءِ

فَاسْتَغْنَتِ الأُمَرَاءُ عَنِ الْعُلَمَاءِ ، وَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ

فَشُغِلُوا وَانْتَكَسُوا ، وَلَوْ كَانَ عُلَمَاؤُنَا هَؤُلاءِ يَصُونُونَ عِلْمَهُمْ لَمْ تَزَلِ الأُمَرَاءُ تَهَابُهُمْ

قَالَ الزُّهْرِيُّ : كَأَنَّكَ إِيَّايَ تُرِيدُ وَبِي تُعَرِّضُ ؟ ! قَالَ : هُوَ مَا تَسْمَعُ "


 توقيع : مفرح التليدي



رد مع اقتباس