هل أرثيهآ ، أم افرحُ لها ...!

في فاجعةٍ مقطوعةُ النّظير ، و بدون سابق إنذآآر ، رأيتها تُحملُ أمامي مُسجاة ...


يجتمعُ الأطباء حولها يقلبونها يمنةً يسرةً ، لعلهم ينعشون عضواً فيها ...


و كأني أرى لسانُ حالها يقول :


ربِّ الآخرةُ أحبُ إليّ ...


رآفعةً إصبعها السبابة محلقةً بها إلى السماء لم تنثني أبدآ ... مستنيرة الوجه كما عهدتها كالذهب الصافي تشع بريقا ...


في هدوءٍ مستتب ، صعدت روحها إلى بآرئها في بضع دقائق قليلة تقل عن العشر ...


من رآها شعر بحرارة جسمها ، و جمال ابتسامتها ، و عينيها المغمضتان من نفسهما ...


حتى يساوره الشك بأنها لآ زالت على قيد الحيآآآآآآآآآآآآة ...!!!!!!!!


هكذا رحلت في صمتٍ عن دنيانا جدتي الحبيبة ...


رحلت من حوت جسد أمي بين جنبيها ، و كانت أمي قطعة من جسدها العظيم الطاهر النقي .!


رحلت تلك الزاهدة العابدة و الله لم أرى مثلها في حياتي في عبادتها المتواصلة المنقطعة النظير ...!!!


رحلت تلك القائمة الليل تقسمه أثلآثا و تستيقظ بين اللحين و الآخر فتوقظني بتسبيحها و تشهدها الذي يقف شعر الجسد له من إجلآله و خشوعه !!!


رحلت تلك الصائمة رغم كبر سنها ، المتبعة للسنّة بحذافيرها ...! الوآصلة للرحم و للجيرآن و الأحباب .!


رحلت تلك المتصدقة بكل شيء حولها ، فإذا أُهديت مبلغا من المال أو الكسوة أو الطعام وزعته جميعه ، يَ جدة وأنتِ ؟ قالت : لآ حاجة لي فيه و إنّي لن أموت من الجوع.!


فما رأيت أحدا يبغض المال أن ينام بين جنبيه مثلها .!!!!!!


رحلت تلك التي تكره الحديث في النّاس بخيرٍ أو شرٍ منذُ أن سمعت أنّ الناس يعذبون بسبب ألسنتهم .!


رحلت تلك الحنونة ، الرحيمة ، الرقيقة ، مرهفة الحس ، قريبة الدمعة ...!


من احتوتنا عندما رحلت أمي عن الحيآآآآآآآآآآآآآآآه ...! فكانت نعم السند .!


رحلت من ابتليت في جسدها منذ صغرها ، و ابتليت في أبناءها بفقدهم جميعا ، ...!


رحلت من كانت تقول لي دآئما :


ي ابنتي إنّ هناك حفرة ضيقة سنوضع فيها ، و سيأكلنا الدوود ، و سيفارقنا القريب و الحبيب ... ثم تبكي و تبكي ...


حتى بتُّ اظنُّ أنُّ جدتي ستموتُ بعد حديثها هذا مباشرةً ...! و ما علمتُ أنَّ حديثها سيستمرُ سنواتٍ طوآلآ ... و أنها ستردده على مسامعي طول هذه السنوات .!


و علمتُ بعدها ... أنّها تستحضر الأخرة حول عينيها دآئما ...


رحلت سرآج البيت ، و ريحانته العبقة ، و شمسه الدآفئة .!!!


رحلت ... و تركت منزلنا مظلما حزينا كئيبا ...


رحلتِ ي حبيبة عن أعيننا ، و قد تربعتِ بقوةٍ بين قلوبنا ، و قد اعتدنا عليكـِ و على صوتكـِ الرقيق ...!


فأنا لآ أعلم هل ارثيها ...؟ أم أفرحُ لحسن خاتمتها ...؟!!!


جدتي الحبيبة : عجزتُ عن الحديث ...


جدتي الحبيبة : الملتقى الجنَّة - بإذن الله تعالى -


مع الذين أنعم الله عليهما من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و والدينا و من نحب و حسن أولئك رفيقاً ...!



ابنتكـ و محبتكـ دومآ ... هـــدوء