التجديد ومناسك الحج

حج بيت الله الحرام فريضة على المستطيع مرة واحدة فى العمر، وذلك لقوله تعالى: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا»، والعمرة مشروعة باتفاق العلماء، غير أنهم يختلفون فى حكمها بين الوجوب والسنة، والاختلاف يضعف القول بالوجوب ويرجح سنيتها، والحج يكون فى أشهر معلومة، حيث تبدأ استعداداته من رمضان وينفذ من بداية الثامن من ذى الحجة حتى رابع يوم العيد غالبا، أما العمرة فتكون فى جميع أيام العام، وأعمال العمرة كلها ما عدا الإحرام تنفذ فى المسجد الحرام، فبعد الإحرام بالعمرة من الميقات المحدد يدخل المعتمر البيت الحرام فيطوف حول الكعبة سبعة أشواط مبتدئا بالحجر الأسود منتهيا إليه، ثم يسعى بين الصفا، وهو على يمين الكعبة، إلى المروة سبعة أشواط لينتهى الطواف عند المروة، بعدها يحلق المعتمر أو يقصِّر، فإن كان ينوى الحج فالأفضل التقصير ويبقى الحلق للحج، وبذلك تنتهى العمرة فيتحلل المعتمر من ملابس الإحرام ويبقى كغيره من الناس بمكة يجوز له كل ما حُظر عليه وقت الإحرام كالعلاقة الزوجية وقص الشعر ووضع الطيب، وغير ذلك من الأمور المباحة حتى يوم الثامن من ذى الحجة، فيُحرِم بالحج من مسكنه بمكة ولا يلزمه الخروج إلى الميقات، ثم يتوجه إلى مِنًى إن أراد أو يتوجه إلى عرفات مباشرة، ويمكن أن يبيت بمكة ويتوجه إلى عرفات صباح يوم التاسع، فإذا غربت شمس يوم عرفة توجه إلى المزدلفة فيصلى بها المغرب والعشاء جمع تأخير بعد أن صلى الظهر والعصر بعرفات جمع تقديم، مع القصر فى الجميع ما عدا المغرب، فإن أصبح توجه إلى منًى ليرمى جمرة العقبة الكبرى، وهى آخر الجمرات للقادم من المزدلفة وأقربها للحرم بسبع حصيات، ثم بعد ذلك يذبح إن كان متمتعًا ما لم يكن قد دفع ثمن الهدى، ودفع الثمن أنفع للفقراء، ثم يحلق أو يقصر، وبذلك يتحلل الحاج من ملابس الإحرام، وهو التحلل الأصغر فلا يبقى محظورًا عليه إلا الجماع، ثم يتوجه إلى البيت الحرام ليطوف ويسعى، ويتبقى عليه رمى الجمرات الثلاث فى يومين أو ثلاثة، وبذلك يكون قد انتهى حجه ولم يبق عليه إلا طواف الوداع قبل أن يعود إلى بلده. وما ذكرناه من مناسك يكفى لأداء العمرة والحج دون نقصان، لكن كثيرًا من الناس يحلو لهم التزيد فى بعض الأمور، وهؤلاء منهم من ربما يُعذر فى ذلك، ففى الغالب يكون ذلك من باب الحرص على أداء الحج والعمرة على أتم وجه، أو ربما يكون ذلك بسبب الجهل بأحكام العمرة والحج، أما من يعسِّرون على الناس ممن يصدرون الأحكام من غير فهم لمقاصد الشريعة غافلين أو متغافلين عن أساس مهم من أسس شريعتنا السمحة، وهو التيسير ونفى الحرج على المكلفين، فلا عذر لهم، ومن هذه الأمور التى يكثر اللغط حولها: - إصرار البعض على الذهاب إلى مِنًى يوم الثامن من ذى الحجة مع أن أفواج حجاج القرعة من المصريين يتوجهون إلى عرفة مباشرة، وهو صحيح ولا شىء فيه، لأن التوجه إلى مِنًى يوم الثامن والمبيت بها سُنة ولا يضر تركها ولا تؤثر فى قبول الحج. - إصرار البعض على المبيت بالمزدلفة حتى الصباح مع أن قوافلهم تتحرك ليلا إلى مِنًى، وهو ما يترتب عليه كثير مشقة وعناء للمتخلف عن رفاقه، وقد يصعب عليه معرفة مكانهم بمِنًى أو وصوله إليهم، مع أن المبيت بالمزدلفة يتحقق بتأدية صلاة المغرب والعشاء، ولو تحرك الحاج بعد ذلك فلا شىء عليه، وإن كان المبيت إلى الصباح أفضل ما لم يترتب عليه الافتراق عن رفاق القافلة ومشقة الوصول إليهم بعد ذلك. - التوجه من المزدلفة ليلا إلى المسجد الحرام للطواف والسعى قبل التوجه إلى مِنًى يوم العيد، وهو صحيح ولا شىء فيه، لأن أعمال ما بعد المزدلفة لا ترتيب بينها إلا اشتراط أن يكون السعى بعد الطواف، فما سئل رسولنا–صلى الله عليه وسلم، عن شىء يوم العيد إلا قال: افعل ولا حرج. وإذا كان رسولنا، صلى الله عليه وسلم، قد قال هذا بمِنًى يوم النحر وفيه غالبا يطوف الناس ويسعون، فيكون داخلا فى الجواز وإن تقدم الطواف والسعى على أعمال مِنًى. - إصرار البعض على المبيت بمِنًى وعدم الذهاب إلى مكة إلا للطواف والسعى، ومع أن هذا هو الأفضل، لكن لا حرج من قضاء بعض الليل بمِنًى والعودة للمبيت بمكة لمن شق عليه المبيت بمِنًى، ولا سيما من معه نساء وأطفال قد يتعرضون لمشقات بالغة فى حال المبيت إذا لم يكن لهم إقامة مناسبة فى مِنًى، خاصة فى الظروف المناخية السيئة. - الإصرار على رمى الجمرات بعد زوال يوم النحر، وهو وإن كان الأفضل، إلا أن الرمى يجوز فى أى وقت من ليل أو نهار، ولا يشترط أن يكون بعد الزوال. - إصرار النساء وكبار السن على رمى الجمرات بأنفسهم، وعلى الرغم من التوسعات المشكورة فى منطقة الجمرات، لكن ما زالت هناك مشقة فى وصول البعض إلى منطقة الجمرات، فإن كان الأمر شاقًّا على البعض فلا بأس من التوكيل بالرمى لمن ذهب ليرمى لنفسه من الشباب والقادرين من الرجال والنساء، فيرمى لنفسه ولمن وكَّله، ويمكن ترك الرمى أصلا ويدفع بدلا عنه فدية كالهدى. - المزاحمة لتقبيل الحجر الأسود أو لمسه مع ما يترتب على ذلك من إيذاء الطائفين، والأمر لا يعدو كونه سُنة تتحقق بالنظر أو الإشارة إليه فى أثناء الطواف، وترك ذلك كله لا يضر. - إصرار البعض على دخول حِجر إسماعيل والصلاة فيه، وهو وإن كان مسنونا، إلا أن تركه فى زماننا أفضل، وذلك من باب البعد عن المزاحمة وإيذاء الناس، ما لم يتيسر هذا من دون مزاحمة، وقلما يتيسر ذلك فى الحج خاصة.

ديننا دين يسر وسهولة وذلك مما يميزه عن الأديان السماوية السابقة
نقاط مهمة وأمور لابد الأخذ بها لمن رغب في أداء فريضة الحج
حتى تتم هذه الفريضة بيسر وسهولة دون مشقة على الحاج ولا أذية لغيره من حجاج بيت الله الحرام
بورك فيك نسيم وجزاك الله خير الجزاء على هذا الطرح القيم

جزاكـِ الله خيراً نسيم ، وبارك الله فيك