وقفات مع صبر النبي في الدعوة

يضيق المقام بالرسول في مكة فيسافر الى الطائف فكانت اجابات اهل الطائف من اسوا ما وجد. فقال احدهم: اما وجد الله غيرك ليرسله؟ وقال البعض: لئن كنت نبيا فانت اعظم خطرا من ان اكلمك وان كنت تكذب على الله ما ينبغي ان اكلمك؟ واغرو به سفهاؤهم وخرجوا يسبونه ويصيحون به ويرمونه بالحجارة حتى ادمو عقيبه والجاوه الى حائط فاستظل بظل شجرة يضيق المقام بالرسول في مكة فيسافر الى الطائف فكانت اجابات اهل الطائف من اسوا ما وجد. فقال احدهم: اما وجد الله غيرك ليرسله؟ وقال البعض: لئن كنت نبيا فانت اعظم خطرا من ان اكلمك وان كنت تكذب على الله ما ينبغي ان اكلمك؟ واغرو به سفهاؤهم وخرجوا يسبونه ويصيحون به ويرمونه بالحجارة حتى ادمو عقيبه والجاوه الى حائط فاستظل بظل شجرة واخذ يناجي ربه: (( اللهم اليك اشكوا ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا ارحم الراحمين انت رب المستضعفين وانت ربي الى من تكلني الى بعيد يتجهمني ام الى عدو ملكته امري ان لم يكن بك علي غضب فلا تبالي ولكن عافيتك اوسع لي اعوذ بنور وجهك الذي اشرقت له الظلمات وصلح عليه امر الدنيا والآخرة من ان تنزل بي غضبك، او يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة الا بك))
صبر ومناجاة وتذلل لله وخضوع تام لحكمه وطلب مرضاته. انظر معي اخي الكريم المبارك الى الرسول الاعظم حامل القضية الكبرى وهي دعوة الناس الى تحقيق العبودية لله في الارض يحاول بكل ما اوتي من قوة ويغير في الاساليب من اجل هذه الغاية النبيلة فيمضي الكفار الى رفض الدعوة وهو يبتكر اسلوب ويغير المكان ويستشهد بالسنن.
صبر ولكن عمل وجد وثبات ومضي في سبيل تحقيق الغاية دون كلل او ملل دون طلب النصرة من احد دون الله لا خمول ولا تقاعس ولا تضاعف او استكانة. بعد تلك الفترة بدء صلى الله عليه وسلم بعرض نفسه على الناس في المواسم فعرض نفسه على كندة وبطنا من كليب وبني حنيفة وهم قوم مسيلمة وبني عامر ولم يزل عليه صلوات ربي وسلامه يعرض نفسه ودعوته على كل قادم له اسم وشرف.
تخيل اخي الكريم هذا الاجتهاد في العمل لم يكن يعرض نفسه في جو من الراحة والطمأنينة بل في جو التكذيب وابو لهب عليه لعائن الله يسير خلف النبي صلى الله عليه وسلم حيث سار ويقول: يابني فلان انما يدعوكم هذا الى ان تنسلخوا عن اللات والعزى من اعناقكم الى ما جاء به من الضلالة والبدعة فلا تطيعوه ولا تسمعوا له.
ما احلمك يا رسول الله ما اصبرك يا خير خلق الله. ولهذا خرج من هذه المدرسة النبوية العظيمة رجال غيروا مجرى التاريخ وصنعوا الاحداث العظام والوقائع الجسام منهم من القي على ظهره وافترش النيران فما يطفئها الا لحمه وشحمه وعصبه فيصبر ابتغاء مرضات الله ومنهم من قطعت يمينه وشماله ومنهم من بقرت بطنه واكلت كبده لأن نبي الله شج رأسه وكسرت رباعيته وربط الحجر على بطنه من الجوع.
اقتدو بصبره فتركوا الدنيا بحذافيرها واتجاو الى رب الدنيا اما رايتم صهيب رضي الله عنه وارضاه عندما اراد الهجرة قال له الكفار: اتيتنا صعلوكا فكثر مالك عندنا وبلغت الذي بلغت ثم تريد ان تخرج بمالك ونفسك. والله لا يكون ذلك. فيقول: اني جعلت لكم مالي ودلهم عليه. فيراه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبادره بقوله عليه السلام: (( ربح البيع ابا يحي)) وفيه نزل قول الله تعالى: (( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد )) لله درك يا صهيب الله اكبر حين صبر الله اكبر حين هاجر والله اكبر حين به رسول الله استبشر الله اكبر حين بشانه القرآن نزل طوبى لمن سار على دربه وهنيئا لمن سلك سبيله.
احبتي الكرام حتى بعد هجرة الحبيب الى المدينة لم تكن الامور كما يتصور البعض مفروشة بالورود ولا سليمة من المنغصات والكدورات بل كانت مرحلة المخاوف والشدائد والمكائد وخبائث المنافقين وعداء المشركين. تروي ام المؤمنين عائشة عليها رضوان الله ان المدينة حين قدم اليها رسول الله كانت اوبأ ارض الله من الحمَى فاصاب اصحابه منه بلاء وسقم فمرت على ابي بكر وبه ما لا يعلمه الا الله من الوعك والشدة فدنت منه تسأله عن حاله فاجاب:
كل امرىء مصبح في اهله****والموت أدنى من شراك نعله
فقالت والله ما يدري ابي ما يقول فدنت من عامر بن فهيرة فسألته:
لقد وجدت الموت قبل ذوقه****إن الجبان حتفه من فوقه
كل امرىء مجاهد بطوقه****كالثور يحمي جلده بروقه
ثم دنت من بلال فسألته فاجاب:
الا ليت شعري هل ابيتن ليلة****بفخ وحولي اذخر وجليل وهل
اردن يوما مياه مجنة****وهل يبدون لي شامة وطفيل
انواع البلاء اسباب طبيعية فيصبرون عليها لأنهم خريجوا مدرسة الحبيب الصابر لربه شاكر. ثم ابتلي المؤمنون بقتال الكافرين ممتثلين لأمر ربهم صابرين لحكمه بعزة وقوة انظروا الى ابي دجانة يقول الرسول من ياخذ هذا السيف بحقه؟ فيقول ابو دجانة وما حقه يا رسول الله. فيقول: ان تضرب به العدو حتى ينحني فيقول انا آخذه بحقه ويمشي مختالا بين الصفوف وهويقول:
انا الذي عاهدني خليلي****ونحن بالسفح لدى النخيل
ألا اقوم الدهر في الكيُول****اضرب بسيف الله والرسول
فيقول الحبيب عليه السلام: انها لمشية يبغضها الله الا في مثل هذا الموطن. ايها الكرام لمن نصبر..؟ لمن نغضب..؟ لمن نثأر..؟ لله..ام لأنفسنا..؟ يجب ان لا يخالجنا انفسنا الهوى ونصبر بنية الانتقام ونثأر لانفسنا لا لله فان ذلك ليس من الصبر في شيىء فالله ادب رسوله حين غضب لحمزة في غزوة احد وقال عندما بقر بطنه عن كبده (( لأن اظهـرني الله تعالى على قريش لأمثلن بثلاثين من رجالهم )) ووالله ثم والله ان حمزة باكثر من ذلك ولكن الله يؤدب حبيبه والخطاب لنا امة الاسلام (( وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن تصبروا لهو خير للصابرين ))سورة النحل فيمتثل خير خلق الله لأمر الله فصبر وعفا ونهى عن المثلة. بل بايع هند بنت عتبة وهي التي مثلت انه التجرد الكامل العدل التام الخلق الرفيع حتى مع غير المسمين فما بالنا فيما بين المسلمين الامر اعظم واشد واكبر.
ايها الاعزة الكرام ماذا كانت نتائج لصبر؟ صبر الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه؟ كانت نتيجة ذلك الصبر النصر والعزة والتمكين مكن الله نبيه في الارض واعز دينه فكان النبي والصحابة في احدى الحسنيين ولكن ماذا حل باعداء رب العالمين دعونا ننظر الى خواتمهم:
1. ابو لهب: عندما بلغه خبر هزيمة قومه اصيب بمرض العدسة حتى لم يقدروا على تغسيله فصبوا عليه الماء من بعيد من شدة الرائحة الكريهة التي كانت تفوح من جسمه الذي نضج وتهرى.
2. الوليد بن المغيرة: وطىء سهما فخدشه فتورمت رجله ومات شرميتة.
3. ابو جهل: هلك ببدر قتله ابنا عفراء واحتز راسه عبدالله بن مسعود.
4. النضر بن الحارث: هلك ببدر اذ اسره المقداد بن الاسود فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقه فقتله علي.
5 . عقبة بن ابي معيط: هلك ببدر حيث اسر بها وصلب وهو اول مصلوب في الاسلام لأنه كان شر محض شبهه رسول الله بعاقر ناقة صالح ( قدار بن سالف )
6. الحارث بن قيس السهمي: كان من المستهزئين بدين الله فاهلك الله بحوت اكله وكان مملوحا فما يزال يشرب الماء حتى حتى مات وقد امتلأ راسه قيحا والعياذ بالله.
7. العاص بن وائل: والد عمرو هلك بلدغة في رجله تورمت لها رجله حتى صارت كعنق البعير. فمات شر ميتة.
8. ابي وامية ابنا خلف: هلك امية يوم بدر مرزولا مخزولا وهلك ابي بطريق مكة اذ ضربه الرسول بحربة في ترقوته الى جهنم وبئس المصير. وغيرهم كثير هذه هي نتائج الصبر والثبات بان يكفيك الله المستهزئين. اذن ايها الاحبة الكرام اتباع محمد عليه السلام جند الله الغالبين انتم امة الصبر لماذا؟ لأن نبيكم عاش حياة الصبر في مكة وفي المدية فقد بلغت غزواته عليه السلام سبعا وعشرين غزوة وخمس وثلاثين سرية خلال عشر سنوات. حياة مفعمة بالنجاح بالعمل الدؤوب بلا كلل ولا ملل ولا تشكي و لاتقاعس فتلك سيرته لمن اراد الاتباع وذلك هديه لمن اراد الانتفاع وذلك دربه لمن اراد الوصول وقديما قيل من سار على الدرب وصل.
ايها الاحبة الكرام اختم هذا اللقاء باعظم مابتليت به هذه الامة واشد ما متحن به المؤمنون الا وهو فراق رسول الله وانقطاع الوحي وانتقال الحبيب الاعظم الى الرفيق الاعلى. تلك اللحظات التي اخرجت الناس عن الطور المألوف فهذا عمر تبدل حاله واشهر سيفه في الناس وهذا عثمان هوى فاصبح لا يمش الا متكأ كالأطفال. حدث تقبله الصحابة بالصبر والثبات بامامة خليفته الراشد عليه رضوان الله. لا املك ايها الاحباب شيئا اصور به ذلك الحدث الجلل والخطب الصعب الا ان اسجل على اسماعكم خواطر شاعر الحبيب وصاحبه حسان رضي الله عنه اذ عبر عن حزنه والمه والم المؤمنين والمؤمنات فقال:
بطيبة رسم للرسول ومعهــــــد***منير وقد تعفوا الرسوم وتهمــــد
ولا تمَحى الآيات من دار حرمة***بها منبر الهادي الذي كان يصعد
بها حجرات كان ينزل وسطهــا***من الله نور يستضـــــــاء ويوقد
معارف لم تطمس على العهــــد***آيهااتاها البلــى فالآي منها تجدد
ظللت بها ابكي الرسول فأسعدت***عيون ومثلاها من الجفن تسعد
تذكرت الآء الرسول ومـــا ارى***لها محصيا نفسي فنفسي تلبـــد
مفجعة قد شفها فقد احمــــــــــد***فظلت لألاء الرسول تعـــــــــدد
اطالت وقوفا تذرف العين جهدها***على طلل القبر الذي فيه احمـد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت***بلاد ثوى فيها الرشيد المسـدد
وبورك لحـــــــد منك ضمن طيبا***عليه بناء من صفيح منضــــد
تهيل عليه الترب ايــــــدٍ واعينٍ***عليه وقد غارت بذلك اسعــــد
لقد غيبوا حلما وعلما ورحمــــة***عشية علوه الثرى لا يوسَــــد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهــم***وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكون من تبكي السماوات يومه***ومن قد بكته الارض فالناس اكمد
وهل عدلت يوما رزية هــــــالك***رزية يوم مــــــــــات فيه محمد
تقطع فيه منزل الوحي عنـــــهم***وقد كان ذا نور يغور وينجـــــد
امام لهم يهديهم الحق جـــــاهدا***معلم صدق ان يطيعوه يسعــــدوا
عفوٌ عن الزلات يقبل عذرهـــم***وان يحسنوا فالله بالخير اجـــود
وان ناب امر لم يقوموا بحملــه***فمن عنده تيسير ما يتشــــــــدد
عزيز عليه ان يجوروا عن الهدى***حريص على ان يستقيموا ويهتدوا
عطوف عليهم لا يثني جناحـــه***الى كنف يحنوا عليهم ويمهـــــد
فاصبح محمودا الى الله راجعـــا***يبكيه حق المرسلات ويحمــــــد
فجودي عليه بالدموع واعولــي***لفقد الذي لا مثله الدهر يوجــــد
وما فقد الماضون مثل محمـــــد***ولا مثله حتى القيامة يفقـــــــــد
اقول ولا يلقى لقولي عـــــــائب***من الناس إلا عازب العقل مبعـد
وليس هوائي نازعا عن ثنائـــه***لعلي به في جنة الخلد اخلــــــــد
مع المصطفى ارجوا بذاك جواره*** وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد


وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الله صلي على محمد وعلى اله وصحبه وسلم

جزاك الله الف خير اخي ابا فيصل

بارك الله فيك اخي ابوفيصل

وجزاك الله خير وجعله في موازين حسناتك

مشكور على الطرح الرئع
تقبل تحياتي

جزاك الله خير الجزاء اخي الكريم ابو فيصل ونفع بك

وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم

لليوم كلما امر بالطايف احس اني اكرهم

مع انه لاتزر وازره وزر اخرى

يعطيك الف الف عافيه اخي ابو الفيصل

تقبل مروري بود

ابو فيصل

يعطيك العافيه

جزاك الله الف الف الف خير

على هذا الطرح الخير

ابو فيصل

جزاك الله كل خير
ربي يعطيك العافيه

شكرا لك