كوقع الغيث على أرض جدباء

كزخة مطر على أرض جدباء،
لا شيء أجمل من كلمة ثناء أو تشجيع

جرّب أن تثني على شخص مغمور وتشجعه وتوضح له أهمية عمله، ولاحظ عينيه ...

‏حين أدخل دورات مياه مكان عام وأراها نظيفة أذهب لعاملة التنظيف وأشكرها
وأبيّن لها إعجابي بروعة عملها ودقته؛
‏لا تسل عن نظرات امتنانها وفرحها ...

‏بالأمس ذهبت لمصرف محلّي، كان الوضع مزريًا من الزحام
وبطء الموظفات وتجهّم وجوههن وسوء أسلوبهن ...
‏وعند الباب كان هناك مراسلة شابة تبدو المهتمة الوحيدة؛
‏كانت تذهب وترجع لتخدم المراجعات،
وعند عدم تواجد الموظفات كانت تبحث عنهن وتحثهن على الاستعجال،
‏كانت تساعد الجميع؛ تمسك بيد مسنة على الدرج، تهدئ سيدة غاضبة من الزحام،
وتحاول جاهدة أن تساعد البعض في تعبئة أوراقه (رغم أنها مسؤولية الموظفات)
‏لم أرها ترتاح أوتتغيب دقيقة عن المكان ...

‏قبل أن أخرج رأيتها جالسة مرهقة تعلوها ابتسامتها ...
‏ربت على كتفها وقلت: المخلصون أمثالك نادرون؛
أنت تستحقين حقا أن تكوني مديرة هذا المكان!

‏وكأن الكلمات لامست قلبها فارتجفت فجأة والدموع في عينيها: حقا؟ أنا؟
لكن أنا معي فقط كفاءة (متوسط)
‏
قلت: ليست المسألة بالشهادة؛ بل بالإخلاص
‏أكملتُ: أنت أفضل منهم جميعا في عملك وإخلاصك وحرصك
على سمعة المكان الذي تعملين له، أكملي دراستك وستصبحين المديرة هنا يوما بإذن الله ...

‏وقفت وهي تشكرني بشدة وتدعو لي..
‏شعرت حينها أن كلمات التشجيع البسيطة قد تكون أهم وأثمن من صدقة أو هدية؛
فالقلوب أيضا تحتاج لصدقات كلامنا..
‏
كلمة ثناء بسيطة نقولها لموظف مخلص، بائع، ممرضة،
كلمة تبيّن له تقديرنا لعمله وملاحظتنا له، تعني الكثير، تجعله يشعر أن هناك من يهتم ...

‏أحيانا نعتقد أن البسطاء يحتاجون فقط مساعدتنا المادية أو عطفنا وشفقتنا،
لكن ..
هم أيضا يحتاجون أكثر للتقدير والثناء والإعجاب بعملهم .

كلمات الشكر لن تكلفنا العناء والوقت والجهد
لكنها تسعد القلوب وتغمرها فرحا