التصنُّع المفتعل ..!!

عندما تكون الشمس في كبد السماء تشع بنورها الساطع على من حولها يظهر للرائي ذلك التفاوت

بين العلو والدنو، وبين السطوع والخفوت ، فيقتنع المنصفون الباحثون عن الحقيقة بذلك التفاوت ..

ذلك التفاوت لا يتوقف تأثيره على درجات السطوع ، وكيلوات التباعد أوالتقارب، بل يتعد للأزمنة

والفصول السنوية فمن متع ناظريه بالأمس بربيع تحرر لأوراق وغصون الفروع ما يلبث أن يرى تلك

الأوراق تتساقط واحدة تلو الأخرى ، في منظر يوحي بتعري تلك الأشجار وكأن الزمان يعاقبها على خطأٍ

اقترفته أو نشوة زائدة عن حجمها فعلته !!

كذلك هم أصناف من البشر لهم ربيع تبرز همتهم وتعلوا مكانتهم ، يطلون على الناس بجهد خرافي ومنافع

مفيدة تحتار العقول كيف تسهلت لهم ؟ وكيف وصلوا لِما وصلوا له ، ففرضوا على الآخرين تقديرهم

وتقديمهم في مقدمة الصفوف !!

تبقى خضرة تلك الإنجازات في الذاكرة القريبة والبعيدة ، وتستمر ولا تنسى حتى وإن نسيت فإنك تجد من يذكرك

بها من باب أن الربيع ما زال مستمرًا، رغم أن بوادر الخريف قد بدت تعري الغصون من أوراقها !!

وكأنه غاب عنهم المقولة التي تقول أن الوصول للقمة سهل ، ولكن في الحفاظ على البقاء تكمن الصعوبة !!

إن الوصول لعقول الناس ونيل ثقتهم ليس بالأمر السهل ، فهو يحتاج لتضحيات ومثالية غير معهودة ودائمة ،

وخصوصية يتفرد بها عمن سواه ، كالتدين والأمانة والصدق والذكاء والكرم والعدل والتواضع والمروءة والغيرة

على المصالح وغيرها من الصفات الحميدة ..

وفي مقابل تلك الصفات الحميدة يمقت الناس صفات البخل والغدر والخيانة والكذب والتكبر والاستغلال

و الاستغفال والاستخفاف بعقولهم ..

أصعب اللحظات هي التي تذوب فيها صورة (القدوة ) أو ( الأسطورة ) في عيون المحبين أو الموالين ويتساقط

منها قطرات ندى ( التصنع ) أو ( التقمص ) على سطح الحقيقة ( المرَّة ) ..!!

ولكن الأصعب مما سبق..!!

محاولة العودة لملء العيون، وتملك القلوب التي كانت تملؤها بالأمس ، بعدما تقيَّأتها ونفرت منها ..!!

بقلم / أبو يوسف