لا شخابيط على جدار حيِّنا بعد اليوم ...

هناك بعض العادات السلوكية التي تعاني منها جماليات الأحياء ..

فتوحي للزائر لها من أول وهلة بنظرة سلبية عن الحي وأهله ..

حتى أنه يمكنه الحكم المبدئي الدقيق على ميول واهتمامات

أهل الحي قبل أن يتعرف على وجوههم شخصيا ..

طبعا ليس لفطنته أو دهاء غير عادي لديه ..

ولكن من باب المقولة التي تقول :- ( المكتوب ظاهر من عنوانه ) .

تبدأُ المشكلة عندما يهب أهل الحي بمختلف ميولهم السياسية والرياضية

والدينية والعاطفية الى تلك الجدران الزاهية بمختلف الألوان والمتناسقة مع ما حولها من مكونات ،

فيكتبون شخابيط ليشوهوا بها وجه حييهم الذي في الحقيقة هو عنوان تحضرهم ورقيهم ،

وبأنه الدليل الحسي الملموس للزائرين والذي يولد الانطباع الأولي عن أهل الحي ،

وعادة ًلا يكون هناك اختلاف كبير بين الواقع وتلك الميول الظاهرة .

إن تلك العبارات المتداخلة والمتضاربة فكريا ونفسيا مع بعضها لتدل

دلالة على اللاوعي و اللا مسؤولية وعدم الاهتمام بمكتسبات وجماليات الحي .

فترى العاشقين وقد رسموا قلوب ونقاط الدماء تسيل منها بعد أن أصابتها رماح اخترقتها دون رحمة !!

والمتعصبين للأندية قد سطروا أرقام وصور لاعبيهم المفضلين .

إن تلك الجدران تتألم وتئن من وطأة هذه العادات السيئة والمنبوذة .

بالنسبة لي لعلي ألتمس لهم العذر ، كون من يكتب هم صغار في السن ، وعديموا الفكر والوعي الذي يدلهم على خطأ عملهم

وكيفية التعبير الصحيح عن شعورهم الداخلي بالطريقة والمكان المناسب كذلك .

وربما لعدم تفهم أقاربهم لمشاعرهم وتقديرهم لتلك العواطف الجياشة والمكبوتة بدواخلهم ، جعلهم يتصرفون بهذه الطريقة الفوضَّوية .

أما الذين لا أجد لهم عذرا أو تفسيراً ، فهم من يتعاطون مع السياسة ، كونهم الطبقة العليا من حيث الفكر والوعي ، فهم يحملون شهادات عليا

ومراكز مرموقة في الحي ، ولكنك تلاحظ شخابيطهم بوضوح بخط أسود عريض يوحي بفكر غريب كئيب يصنع العدائية ويمهد لها بكل السبل.

إن الجدار المستهدف عريق وأصيل وحصين البناء ومتراص ليس من السهولة اعتلاؤه بسهولة، فهو مطليٌ بمادة عازلة تحمية من الشخابيط.

الشيء المأمول من أبناء الحي أن نترفع وننزه أنفسنا عن الكتابة على جدار حيينا ، ونحافظ عليه ليكون أكثر نظارة ويعطي عنا صورة جميلة ،

ومن الواجب علينا أن ندافع عنه ولا نسمح لكائن من كان أن يعبث به .

لن يقتنع العاقل بأن الشخابيط تبني حيَّا راقيا ، لأنها ستستمر إلى مالا نهاية كعادة يتناقلها الأبناء عن أباءهم .

ليتنا نضع أيدينا فوق بعضها، ونتفرغ لبناء حيَّنا وتطويره ، ليواكب الأحياء الراقية الأخرى من حولنا .

كم سمعت من يلعن السياسة ، وأنا أصبحت ألعنها وأمقتها إذا كُرِّست

للنيل من جمال حيَّنا ، وتفريق أبناء الحيّ بشعارات براقة وفضفاضة

ليست من السياسة في شيء ، بل تسبب تآكل الجدار من الداخل ، فيسهل

اعتلاءه وتشويهه والنيل من كرامته ومكانته .

ليكن شعارنا من الآن أنه ..

(لا شخابيط على جدار حيٍّنا بعد اليوم .. )


بقلم ..

العليلي الحر ..