رد: مُدَوَّنَتُي . . فَوْحُ الْجِنَّانِ فِي دَوْحَةِ الرَّوْحِ
قحطت البادية في أيام هشام بن عبد الملك ، فقدمت عليه العرب ، فهابوا أن يكلموه ، وكان فيهم درواس بن حبيب ، وهو ابن ست عشرة سنة ، له ذؤابة ، وعليه شامتان ، فوقعت عين هشام بن عبد الملك عليه ، فقال لحاجبه : ما شاء أحدٌ أن يدخل عليَّ إلاَّ دخل حتى الصبيان ، فوثب درواس حتى وقف بين يديه مطرقاً ، فقال : يا أمير المؤمنين إن للكلام نشرًا وطيًا ، وإنه لا يعرف ما في طيه إلاَّ بنشره ، فإن أذن لي أمير المؤمنين أن أنشره نشرته ، فأعجبه كلامه ، وقال له : انشره لله دَرُّك ، فقال : يا أمير المؤمنين إنه أصابتنا سنونٌ ثلاث : سنة أذابتِ الشحم ، وسنة أكلتِ اللحم ، وسنة دقَّت العظم ، وفي أيديكم فضول مال ، فإن كان لله ففرقوها على عباده ، وإن كانت لهم ، فعلام تحبسونها عنهم ؟ ، وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم ، فإنَّ الله يجزي المتصدقين ، فقال هشام : ما ترك الغلام لنا في واحدة من الثلاث عذرًا ، فأمر البوادي بمئة ألف دينار ، وله بمائة ألف درهم ، ثم قال : ألا حاجة ؟ قال : ما لي في خاصة نفسي دون عامة المسلمين ، فخرج من عنده وهو من أجل القوم !
|