عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-2015   #12


محب الصوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1750
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : 08-13-2015 (05:40 AM)
 المشاركات : 33 [ + ]
 التقييم :  100
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الحضارة الإسلامية



آداب الحرب في الإسلام
الإسلام دين المبادئ والقيم والأخلاق الفاضلة، ودين العدل والرحمة والسماحة، حتى مع أعدائه، فقد لقى الرسول ( هو وأتباعه من كفار مكة أشد ألوان العذاب، وعندما أنعم الله على المسلمين بفتح مكة، ووقع هؤلاء في أيدي الرسول (، ظنوا أنه سينتقم منهم، ويفتك بهم، لكنه عفا عنهم، وقال لهم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) [ابن هشام].
وكان رسول الله ( يوصي قواده قائلاً: (اغزوا باسم الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تَغُلُّوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا ولا تقتلوا)
[مسلم وأبوداود والترمذي].
فالإسلام لا يعرف الانتقام، والتمثيل بأجساد الموتى، وتمزيق أجسادهم، مثلما فعل كفار مكة بجثة سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- وغيره من الشهداء في غزوة أحد، فهو دين السماحة والعدل، كذلك حرَّم الإسلام الغدر، وتقطيع الأشجار وإحراقها، وقتل الحيوان، وتخريب البيوت والمزارع، إلا عند الضرورة القصوى، وفي أضيق الحدود وبالشكل الذي يرغم الأعداء على الاستسلام كما حدث في بعض حروب النبي ( مع اليهود.
والتاريخ خير شاهد على تسامح المسلمين مع أعدائهم وعدم الغدر بهم، فعندما ذهب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى القدس ليتسلم مفاتيح بيت المقدس من نصارى الروم، وجاء عليه وقت صلاة، خرج ليصلي خارج الكنيسة، ورفض أن يصلي داخلها حتى لا يتخذ المسلمون فعله حجة في اتخاذ كنائس النصارى مساجد.
وحتى في العصور الإسلامية المتأخرة كان هذا التسامح سبب إعجاب الجميع، فهذا محمد الفاتح -رحمه الله- بعد فتح القسطنطينية، يترك للنصارى كنائسهم يتعبدون فيها، ويعامل قساوستهم بإكرام واحترام، مما جعل بعض هؤلاء القساوسة يقول: لقد لاقينا من الحفاوة والتكريم، ما لم نلقه من إخواننا من أهل ديننا النصارى.
نتائج المعركة في ظل تعاليم الإسلام
عادة ما ينتج عن الحروب ما يلي:
توقيع عقد أمان:
وقد يكون هذا الأمان على شكل من الأشكال الآتية:
- الأمان المؤقت الخاص: وهو أن يمنح جنديٌ مسلمٌ جنديًّا من جنود الأعداء أمانًا إذا استسلم، أو طلب ذلك، وكذلك إذا استسلمت جماعة من الأعداء لجماعة من جند المسلمين، فإذا رأى المسلمون أن المصلحة تقتضي الاستجابة لهؤلاء؛ كأن لتعريفهم الإسلام إذا رأوا منهم ميلاً إليه أو يحصلوا على أسلحتهم، أو على أسرار عسكرية، جاز منحهم الأمان، والواحد منهم يسمى مستأمنًا، وله أن يقيم مع المسلمين إقامة غير دائمة، حتى يصل إلى المكان الذي يأمن به، وهذا الأمان يمضيه الحاكم المسلم قال تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون} [التوبة: 6].
- الأمان المؤقت العام (الهدنة)، وهو الاتفاق على وقف القتال مدة من الزمن، قد تنتهي إلى صلح، ويجب منح الأمان في حالتين: إذا طلبه العدو، فإنه يجاب إلى طلبه، مع وجوب الحذر والاستعداد، قال تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم. وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين} [الأنفال: 61-62].
والحالة الثانية في الأشهر الحرم، فإنه لا يحل فيها البدء بالقتال وهي ذو القعدة،
وذو الحجة، ومحرم، ورجب، إلا إذا بدأ العدو بالقتال، فإنه يجب القتال حينئذ، وكذلكٍ إذا كانت الحرب قائمة، ودخلت الأشهر الحرم، ولم يستجب العدو لوقف القتال وقبول الهدنة.
الأسرى:
وقع ثُمامة بن أُثَال أسيرًا في أيدي المسلمين، فجاءوا به إلى النبي (، فقال: (أحسِنوا إساره). وقال: (اجمعوا ما عندكم من طعام فابعثوا به إليه). فكانوا يقدمون إليه لبن ناقة الرسول ( غُدوًّا ورواحًا، فلما رأى ثمامة حسن المعاملة؛ أعلن إسلامه. فالدين الإسلامي يحرص على حسن معاملة الأسرى، لعل الله يهديهم إلى الإيمان، أو يتم استبدالهم بأسرى مسلمين.
والقرآن الكريم يوضح حكم الأسرى، قال تعالى: {فإذا لقيتم الذين كفروا بضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا والوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها} [محمد: 4].
والآية الكريمة ترشدنا إلى ضرورة قتال المشركين حتى نقضي على قوتهم، ثم بعد ذلك نأخذ منهم الأسرى، ولهؤلاء الأسرى أحكام وضحتها الآية الكريمة، وهي:
- المن وهو إطلاق سراحهم دون مقابل لعلهم يهتدون ويدخلون في دين الله.
- القتل وهو جائز في حق بعض الأفراد من كبار أعداء الأمة، ولا يكون حكمًا عامًّا مطلقًا، وقد ورد أن رسول الله ( قتل النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط يوم بدر، وقتل أبا عزَّة الجمحي يوم أحد، قال تعالى: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الحياة الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم} [الأنفال: 67].
- الفداء: وهو إطلاق سراحهم في مقابل ما يدفعونه من مالٍ أو عمل يؤدونه للمسلمين، أو مقابل إطلاق أسرى المسلمين عند العدو، ففي غزوة بدر فدى رسول الله ( بعض المشركين بالمال، وبمبادلتهم بأسرى المسلمين عندهم.
فقد صحَّ أن رسول الله ( فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين، كما فدى بعض المشركين في مقابل أن يعلِّم الواحد منهم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة.
- الاسترقاق، وهو أن يصبحوا رقيقًا للمسلمين، وهذا في الحرب فقط، ومع ذلك أمر بحسن معاملتهم إذا استُرقوا.
وقد يقع بعض المسلمين أسرى في يد أعدائهم، وهنا يجب على الحاكم المسلم والقادة متابعة أحوالهم وفداؤهم بكل الطرق، مثل عقد الاتفاقيات وتبادل الأسرى وما سوى ذلك.
السبايا:
وهم الأسرى من النساء والصبيان والشيوخ وغيرهم ممن لا علاقة لهم بالحرب، والحاكم مخير في أمرهم يفعل بهم ما يشاء وحكمهم حكم الأسرى، بما فيه الاسترقاق، ويصير النساء منهم ملك يمين لمن يكنَّ من نصيبه، ولا يجوز قتل هؤلاء السبايا.
ولا شك أن هذه الأحكام كانت نقلة حضارية كبيرة جاءت مع الإسلام، حيث لم تكن توجد يوم جاء الإسلام التزامات محددة يلتزم بها العالم تجاه الأسرى الذين كانوا يتعرضون لأسوأ المعاملة، ويجوز قتلهم قتلا مطلقًا، فجاء الإسلام بتشريع واضح ملزم يُجيز لهم إطلاق أسراهم، بل فتح الإسلام أبواب الحرية أو المكاتبة أو العتق.
وهكذا، نجد عظمة الإسلام نابعة من مبادئه السامية، في مجال الحياة العسكرية، وسيظل يحث أتباعه على الجهاد من أجل نشر تعاليمه وإعلاء كلمة الله، مع الحفاظ على مبادئه التي شرعها حالة الجهاد.


 
 توقيع : محب الصوم

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس