عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-2015   #11


محب الصوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1750
 تاريخ التسجيل :  May 2015
 أخر زيارة : 08-13-2015 (05:40 AM)
 المشاركات : 33 [ + ]
 التقييم :  100
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الحضارة الإسلامية



الدفاع عن المسلمين المستضعفين:
يروي لنا التاريخ أن امرأة مسلمة ذهبت إلى سوق يهود بني قينقاع، لتبيع بعض ذهبها، وجلست إلى صائغ، فأراد بعضهم أن تكشف النقاب عن وجهها؛ فرفضت.
فأمسك الصائغ بطرف ثوبها في غفلة منها، ووضعه على ظهرها؛ فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا منها، فصاحت المرأة، فأنقذها رجل مسلم، وقتل الصائغ، فاجتمع عليه اليهود وقتلوه، فاستغاث أهله بالمسلمين، فطرد الرسول ( يهود بني قينقاع من المدينة.
ومن هنا وجب على المسلمين أن ينهضوا جميعًا لمناصرة إخوانهم في العقيدة، في أي مكان، إذا تعرضوا لأذى، قال تعالى: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليًا واجعل لنا من لدنك نصيرًا} [النساء: 75].
إزالة الاضطهاد عن الدين والدفاع عن حرية التدين:
لما نقض يهود المدينة عهدهم مع رسول الله (، أثاروا القبائل والفتن ضد المسلمين، اضطر الرسول ( إلى طرد بعضهم من المدينة وقتل بعضهم، جزاء الغدر والخيانة، فإذا نقض أعداء الإسلام ما بيننا وبينهم من عهود ومواثيق، وظهرت منهم بوادر الخيانة وجب علينا قتالهم، قال تعالى: {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين}
[الأنفال: 58]. ولم يذكر لنا التاريخ حادثة واحدة نقض فيها المسلمون عهدًا واحدًا مع غيرهم وبدءوهم بالقتال.


الاستعداد للمعركة في ظل مبادئ الإسلام
أرسل رسول الله ( إلى العباس بن عبد المطلب في غزوة أحد؛ ليراقب تحركات قريش واستعداداتها العسكرية، فكان ينقل تحركاتهم أولاً بأول، ويرسل إلى الرسول ( بذلك، وظلت المدينة في حالة استعداد دائم لا يفارق رجالها السلاح حتى أثناء الصلاة، وتحركت الدوريات حول الطرق التي يحتمل أن يسلكها المشركون للهجوم على المسلمين، وعقد رسول الله ( مجلسًا يستشير فيه الصحابة ويتبادلون فيه الآراء حول المعركة. ومن هنا فإنه يجب على المسلمين أن يكونوا على استعداد دائم للجهاد في سبيل الله، ومن صور الاستعداد للحرب:
إعداد الجندي المسلم:
الجندي المسلم هو العامل الحاسم في المعركة، ولذلك يجب الاهتمام باختياره وإعداده، ويكون ذلك وفق خطوات محددة، هي:
- تقوية إيمانه ويقينه بالله عز وجل، فالإيمان بالله هو السلاح الأقوى والحاسم في المعارك، لذلك ركز القرآن على تثبيت ذلك المعنى في النفوس، قال تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} [غافر: 51].
والجندي المسلم يربى على معرفة نهاية المعركة، وهي: إما النصر وإما الشهادة في سبيل الله، فإن كانت الأولى حمد الله، وإن كانت الأخرى فهو لا يهاب الموت؛ لأنه يعلم فضل الشهادة.
- إعداده وتربيته على أن النصر لا يتوقف على كثرة العدد والعدة وحدهما، ففي غزوة بدر الكبرى كان المسلمون قلة، وكان الكفار كثرة، ولكن المسلمين بقوة الإيمان والثقة بنصر الله انتصروا قال تعالى: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين} [البقرة: 249].
- أن يربى الجندي على الطاعة، فعندما استشار رسول الله ( أصحابه يوم بدر، قام المقداد بن الأسود -رضي الله عنه- فقال: يا رسول الله، امض لما أراد الله، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى بَرْك الغِماد (اسم مكان في أقصى الجزيرة العربية) لجالدنا (لحاربنا) معك حتى تبلغه. وقام سعد بن معاذ وقال: امض لما أراك الله فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك.
ولا شك أن طاعة القيادة المؤمنة من طاعة الله ورسوله؛ قال النبي (: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني) [البخاري]. فعلى الجندي المسلم أن يطيع توجيهات قائده الذي يقوده نحو النصر. وهذه الطاعة للقائد المسلم لا تكون إلا في المعروف، أما إذا أمرهم القائد أو الأمير بمعصية فلا طاعة له عليهم لقول رسول الله (: (إنما الطاعة في المعروف) [متفق عليه].
- أن يربى الجندي على الشجاعة، فقد كان رسول الله ( يحارب مع الجنود كأنه فرد منهم، فقد كان له تسعة سيوف يبارز بها، وسبع دروع يحتمي بها من الطعنات، وفي غزوة أحد، عندما هرب الناس وانفضوا عنه (، وقف النبي ( في شجاعة نادرة يقاتل المشركين. وفي غزوة حنين، عندما فر كثير من المسلمين وقف في ثبات وقوة يقاتل وينادي المسلمين قائلاً:
أنا النبي لا كذبْ أنا ابْنُ عبدِ المطَّـلِب
حتى اجتمعت صفوف المسلمين مرة أخرى فكان لهم النصر. [متفق عليه]. فالشجاعة والثبات والصبر في المعركة من أهم صفات الجندي المسلم، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون}
[الأنفال: 45].
- أن يتدرب الجندي على الحيطة والحذر؛ فقد كان رسول الله ( شديد الحيطة والحذر؛ عملاً بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعًا} [النساء: 71].
فالجندي المسلم لابد أن يكون حذرًا يقظًا يتابع كل تحركات العدو، ولا ينخدع بالحيل والمكائد التي يتبعها الأعداء، وكذلك يكون أمينًا على الأسرار الحربية، والجندي المسلم لا يتأثر بالشائعات التي تؤدي إلى إضعاف الروح المعنوية، وتفريق الصفوف.
- أن يتخلق الجندي بالتواضع، ويبتعد عن الغرور، فعندما فتح الله على المسلمين مكة ودخلها الرسول ( منتصرًا ومعه المسلمون، دخل ( وهو مطأطئ رأسه؛ واضعًا لله، وهكذا يعلمنا رسول الله ( التواضع عند النصر وإرجاع الفضل لله تعالى.
ولذلك يجب على الجندي المسلم أن يكون متواضعًا لا يعرف الغرور والكبر، ويدرك أن النصر من عند الله، ويشكره على تلك النعمة العظيمة، والمسلم لا يتباهى بقوته، ولا يتمنى لقاء العدو، وإنما يسأل الله العافية، فإذا اضطر للحرب صبر عند اللقاء، لقول رسول الله (: (لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموه فاصبروا) [متفق عليه].
- إمداد الجندي المسلم بكل عناصر القوة اللازمة؛ فقد كان رسول الله ( يهتم بتسليح الجنود، ويشرف عليهم بنفسه، ويوم حنين لم يجد سلاحًا كافيًا، فاستعار سلاحًا من صفوان بن أمية على أن يعيده إليه بعد المعركة حرصًا على قوة الجيش الإسلامي، كما كان يتفقد الصفوف، فإذا وَجَدَ بينهم ضعيفًا أو صبيًّا لا يقوى على حمل السلاح استبعده من الصفوف.
فالجندي المسلم لابد أن يتسلح بأحدث الأسلحة بقدر المستطاع عملاً بقوله تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم} [الأنفال: 60].
تنظيمات الجيش الإسلامي:
لقد عرف المسلمون من البداية تنظيم الجيوش، وكان للجيش الإسلامي مقدمة ومؤخرة، وميمنة وميسرة وقلب، وكان القائد يقف في قلب الجيش حتى يشرف عليه ويوجههم في كافة مراحل القتال.
وفي عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنشأ ديوانًا خاصّا بالجند، ليسجل أسماءهم، ويصرف مرتباتهم، كما أعفاهم من العمل في المهن مثل الصناعة والتجارة وغيرها حتى يتفرغوا للفتوحات الإسلامية. كما أقام الحصون والمعسكرات الدائمة لراحة الجند، وأمر ببناء المدن الجديدة كالفسطاط بمصر، والكوفة والبصرة بالعراق لنفس الغرض، كما وُجد في عهده نظام المرابطة، وبخاصة في الأماكن الساحلية كالإسكندرية وغيرها؛ ذلك لصد هجمات الأعداء على سواحل المسلمين.
وفي العصر الأموي، عرف المسلمون نظام الصوائف والشواتي، وهو عبارة عن حملات عسكرية ضد الدولة البيزنطية صيفًا وشتاءً لتأديبها ومنعها من التفكير في غزو السواحل الإسلامية في بلاد الشام.
ويطل العصر العباسى بروعته، ويتم تقسيم الجيوش الإسلامية حسب جنسياتهم، فيكون الفرسان المسلمون الذي يرمون بالرماح من العرب، والمشاة من الفرس وبخاصة من خراسان، ومن بداية عصر الخليفة المعتصم (218 ـ 227هـ) انضم الجنود الأتراك للجيش الإسلامي، وازدادت أعدادهم زيادة كبيرة، ولم يهمل المسلمون البحرية العسكرية، وإنما اهتموا بها اهتمامًا كبيرًا، وخاضوا بها معارك عنيفة مثل معركة (ذات الصواري) في عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وألحقوا بأسطول الرومان في البحر المتوسط هزيمة ساحقة.
وبلغ اهتمام المسلمين بالبحرية الإسلامية أن أنشئوا في مصر دارًا لصناعة السفن في جزيرة الروضة، منذ سنة (54هـ)، وكان لها دور بارز في تاريخ البحرية الإسلامية.
واهتم المسلمون اهتمامًا خاصًّا باختيار القادة الأكفاء، تبعًا لمواصفات خاصة لا تتوفر إلا في قلة من الناس، كالشجاعة، والذكاء، وقوة الشخصية، والدهاء، وحسن التخطيط، والولاء التام للدين الإسلامي من أمثال: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وسعد بن أبي وقاص، وأبي عبيدة بن الجراح، وعقبة بن نافع، وموسى بن نصير، وطارق بن زياد، وغيرهم ممن كان لهم فضل كبير في نشر دين الله في كل مكان.
وقائع المعركة في ظل مبادئ الإسلام
سرعة الاستجابة لداعى الجهاد:
كان رسول الله (، يتفقد الشهداء في غزوة أحد، فوجد
حنظلة بن أبي عامر يتقطر الماء من جسده، فبعث بعض الصحابة إلى زوجته فلما عادوا، أخبروه بأنه، كان حديث عهد بالزواج، فلما سمع نداء الجهاد، ترك فراش عروسه وأسرع إلى ميدان القتال، ليدافع عن دينه، فأخذ يشق الصفوف حتى وصل إلى قائد المشركين أبي سفيان بن حرب (قبل أن يسلم) وكاد أن يقتله، ورآه شداد بن الأسود فضربه فقتله.
فلما علم النبي ( بذلك قال: (إن صاحبكم لتغسله الملائكة) [الحاكم والبيهقي]. وهكذا ينال حنظلة أعلى منزلة عند الله سبحانه لأنه أسرع يلبي نداء الجهاد استجابة لأمر الله تعالى: {انفروا خفافًا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [التوبة: 41]، فعلى المسلم أن يلبي نداء الجهاد، وإلا دخل تحت قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل. إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا ويستبدل قومًا غيركم ولا تضروه شيئًا والله على كل شيء قدير} [التوبة 38 39].
وقد استجابت النساء أيضًا لنداء الجهاد، وكان لهن دور عظيم، فكنَّ يداوين الجرحى، ويجهزن الطعام، والشراب للمجاهدين، بل نجد أكثر من ذلك، فقد كانت نسيبة بنت كعب -رضي الله عنها- ترمي المشركين بالسهام، وتقف وتقاتل مثل الرجال، كل ذلك في سبيل إعلاء كلمة الله، ونشر دعوته، فما أروع الجهاد، وما أعظم الجزاء عند الله.
الثبات في المعركة:
تفرق المسلمون في غزوة أحد، فقتل منهم من قتل، وفر منهم من فرَّ، وتكاثر الكفار على رسول الله ( يريدون قتله، ولكنه ( ظل صامدًا كالجبل هو وبعض أصحابه، ووقف يقاتل بعزيمة لا تلين، وقلب لا يهتز، حتى انصرف المشركون من حوله.
ويضرب الرسول ( المثل في الثبات يوم حنين عندما فَرَّ المسلمون من حوله ( لكنه لم يترك مكانه، وثبت معه عدد قليل من المسلمين، وكان ( ينادى في المسلمين:
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
فتجمع المسلمون حوله مرة ثانية، وثبتوا حتى جاءهم نصر الله. [متفق عليه].
ولا يجوز للمسلم الفرار من المعركة، إلا للانتقال إلى مكان آخر هو أصلح، أو لينضم إلى إخوان له من المجاهدين في مكان آخر، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفًا فلا تولوهم الأدبار. ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفًا لقتال أو متحيزًا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير}
[الأنفال: 15-16].


 
 توقيع : محب الصوم

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس