عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 06-17-2011

ابو فواز غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
فـي لـحـظـة تـشـعُـر أنـك شـخـصٌ فـي هـذا الـعـالـم
بـيـنـمـا يـوجـد شـخـص فـي الـعـالـم يـشـعُـر
أنـك الـعـالـم بـأسـره
اوسمتي
لوني المفضل Blue
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : Dec 2008
 فترة الأقامة : 5603 يوم
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (10:10 PM)
 الإقامة : ksa/dmm
 المشاركات : 13,350 [ + ]
 التقييم : 2147483647
 معدل التقييم : ابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحاب
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي لب الصلاة وروحها



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبيِّنا محمدٍ سيِّد الخاشعين، وعلى آله وصحْبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

أمَّا بعدُ:
فقد خَلَق الله الخَلْق جميعًا لغاية عظيمة؛ ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

خلَق الله الخَلْق؛ ليعبدوه وحْده لا شريك له، ومِن هذه العبادات التي أوْجَبها الله على عباده:

إقامة الصلاة؛ قال - تعالى -: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].

وجعَل إقامتها رُكنًا من أركان الإسلام، ودعامة من دعائمه العظام، فعن عبدالله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((بُنِي الإسلام على خمس: شهادة أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان))[1].

وقد أجْمَعت الأُمَّة على فرضيَّتها، وأنها رُكن من أركان الإسلام، ولَم يخالف في ذلك أحدٌ من المسلمين، بل ذلك مما عُلِم لجميع المسلمين بالضرورة.

والمقصود بإقامة الصلاة: أداؤها بشروطها، وأركانها، وواجباتها، ومستحبَّاتها؛ قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "إقامة الصلاة: إتمامُ الركوع والسجود، والتلاوة والخشوع، والإقبال عليها فيها".

وقال قتادة - رحمه الله -: "إقامة الصلاة: المحافظة على مواقيتها ووضوئها، وركوعها وسجودها".

وقال مقاتل بن حيَّان - رحمه الله -: "إقامتها: المحافظة على مواقيتها، وإسباغ الطُّهور بها، وتمام ركوعها وسجودها، وتلاوة القرآن فيها، والتشهُّد والصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهذا إقامتها"[2].

وقد علَّق الله - سبحانه - فلاحَ المصلِّي بخشوعه في صلاته، فقال - تعالى -: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 2].

قال ابن القَيِّم - رحمه الله -: "فمَن فاتَه خشوع الصلاة، لَم يكن من أهل الفلاح، ويستحيل حصولُ الخشوع مع العَجَلة والنقر قطعًا، بل لا يحصل الخشوع قطُّ إلاَّ مع الطمأنينة، وكلَّما زادَ طمأنينة ازدادَ خشوعًا، وكلَّما قلَّ خشوعه، اشتدَّتْ عَجَلته؛ حتى تصيرَ حركة يَدَيه بمنزلة العبث الذي لا يَصحبه خشوع ولا إقبال على العبوديَّة، ولا معرفة حقيقة العبودية، والله - سبحانه - قد قال: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ ﴾ [البقرة: 43]، وقال: ﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾ [لقمان: 4]، وقال: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ ﴾ [هود: 114]، وقال: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ ﴾ [النساء: 103]، وقال: ﴿ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ ﴾ [الحج: 35]، وقال إبراهيم - عليه السلام -: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ ﴾ [إبراهيم: 40]، وقال لموسى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [ طه: 14].

فلن تكاد تجد ذِكْرَ الصلاة في موضع من التنزيل إلاَّ مقرونًا بإقامتها، فالمصلون في الناس قليل، ومُقيم الصلاة منهم أقلُّ القليل!"[3].

والخشوع في الصلاة هو: "حضور القلب، وتأمُّله بما يقوله المصلِّي، وما يفعله، وهو أمرٌ مُهم؛ لأنَّ الصلاة بلا خشوع كالجسد بلا رُوح، فأنت إذا صلَّيْت وقلبك يدور في كلِّ وادٍ، فإنك تصلِّي حركات بدنيَّة فقط، فإذا كان قلبك حاضرًا تَشعر كأنَّك بين يدي الله - عزَّ وجلَّ - تُناجيه بكلامه، وتتقرَّب إليه بذِكْره ودُعائه، فهذا هو لبُّ الصلاة ورُوحها"[4].

والخشوع في الصلاة على نوعين - كما بيَّن العلماء:
النوع الأول: خشوع واجب،وهو: الطمأنينة في جميع أعمال الصلاة؛ حتى يؤدِّيها كاملة، مستوفية لشروطها، وأركانها، وواجباتها؛ قال ابن تيميَّة - رحمه الله -: "الطمأنينة في الصلاة واجبة، وتاركها مُسيء باتِّفاق الأئمَّة، بل جمهور أئمَّة الإسلام؛ كمالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة، وأبو حنيفة، ومحمد، لا يُخالفون في أنَّ تارِكَ ذلك مُسيء غير مُحسن، بل هو آثِمٌ عاصٍ تارك للواجب، وغيرهم يوجِبون الإعادة على مَن ترَك الطمأنينة.

ودليل وجوب الإعادة ما في الصحيحين: أنَّ رجلاً صلَّى في المسجد ركعتين، ثم جاء فسلَّم على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ارجعْ فصلِّ؛ فإنَّك لَم تصلِّ))، مرتين أو ثلاثًا، فقال: والذي بعثَك بالحقِّ ما أُحْسن غير هذا، فعلِّمني ما يُجزئني في صلاتي، فقال: ((إذا قُمت إلى الصلاة فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئنَّ راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدلَ قائمًا، ثم اسْجد حتى تطمئنَّ ساجدًا، ثم اجلس حتى تطمئنَّ جالسًا، ثم افعلْ ذلك في صلاتك كلها))[5].

فهذا كان رجلاً جاهلاً، ومع هذا فأمَره النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يُعيد الصلاة، وأخبره أنه لَم يُصَلِّ، فتبيَّن بذلك أنَّ مَن ترَك الطمأنينة، فقد أخبَر الله ورسوله أنه لَم يُصَلِّ، فقد أمرَه الله ورسوله بالإعادة، ومَن يَعْص الله ورسوله، فله عذابٌ أليم"[6].

ومما يدل أيضًا على وجوب الطمأنينة في الصلاة؛ ما جاء في حديث أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تُجزئ صلاة الرجل؛ حتى يُقيم ظهْرَه في الركوع والسجود))[7].

وما جاء في حديث العلاء بن عبدالرحمن أنه دخَل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرَف من الظهر، وداره بجنب المسجد، فلمَّا دخلنا عليه، قال: أصليتُم العصر؟ فقلنا له: إنما انصرفْنا الساعة من الظهر، قال: فصلُّوا العصر، فقمْنا، فصلَّينا، فلمَّا انصرفْنا، قال: سَمِعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قَرْني الشيطان، قام فنقَرها أربعًا، لا يذكر الله فيها إلاَّ قليلاً))[8].

فالخشوع في الصلاة والطمأنينة فيها، يرتكز عليه قَبول الصلاة وردُّها، وإذا وُجِد الخشوع قُبِلت الصلاة، وإذا انعدَم رُدَّت، نسأل الله السلامة؛ قال بعض السلف: "الصلاة كجارية تُهدى إلى ملك من الملوك، فما الظنُّ بِمَن يُهْدَى إليه جارية شلاَّء، أو عوراء، أو عمياء، أو مقطوعة اليد والرِّجْل، أو مريضة، أو دميمة، أو قبيحة، حتى يُهدَى إليه جارية ميِّتة بلا رُوح وجارية قبيحة، فكيف بالصلاة التي يُهديها العبد ويتقرَّب بها إلى ربِّه - تعالى؟ والله طيِّب لا يقبل إلاَّ طيبًا، وليس من العمل الطيِّب صلاة لا رُوح فيها، كما أنه ليس من العِتق الطيب عِتقُ عبدٍ لا رُوح فيه"[9].

وإذا نقص من الخشوع قليلاً، نَقَص من الصلاة بقدر ما نقَص من الخشوع، فعن عن عمار بن ياسر - رضي الله عنهما - قال: سَمِعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إنَّ الرجل لينصرف وما كُتِب له إلا عُشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سُدسها، خُمسها، رُبعها، ثُلُثها، نِصفها))[10].

وصدَق حَبْر الأُمَّة وتُرجمان القرآن ابن عباس - رضي الله عنهما - حينما قال: "ليس لك من صلاتك إلاَّ ما عَقَلت منها"[11].

فليس للعبد من أجْر صلاته إلاَّ ما عَقَل منها، وخَشَع لله فيها.

النوع الثاني: خشوع مُستحَب،وهو: العناية بإكمال الصلاة، وأداء ما يُستحب فيها من أفعال وأقوال، كما سيأتي ذِكر ذلك في الأسباب الجالبة للخشوع في الصلاة.

إذا خشع الملك خشعت الجنود:
الخشوع محلُّه القلب، ولا يُمكن لأحدٍ أن يطَّلِع عليه إلاَّ الله، ولكنَّ آثاره تظهر على جوارح العبد، وعلى حركاته في صلاته، فإذا خشَع الملك - القلب - خشَعَت الجنود - الجوارح - وسكَنَت، فعن رجل قال: "رأى سعيد بن المسيَّب رجلاً وهو يعبث بلحْيَته في الصلاة، فقال: "لو خشَع قلبُ هذا، لخشَعَت جوارحُه"[12].

فإذا خشَع القلب خشَعت الجوارح تبعًا له، وهذا هو خشوع الإيمان، وهو المطلوب شرعًا، وأمَّا خشوع التكلُّف والتصنُّع - وهو الذي يكون في الجوارح فقط - فذلك خشوع النِّفاق، وهو مذموم شرعًا؛ قال حذيفة - رضي الله عنه -: "إيَّاكم وخشوعَ النفاق، فقيل له: وما خشوع النفاق؟" قال: أن ترى الجسدَ خاشعًا والقلب ليس بخاشعٍ".

ورأى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجلاً طأْطَأ رقبته في الصلاة، فقال: "يا صاحب الرقبة، ارفْع رقبتك، ليس الخشوع في الرِّقاب، إنما الخشوع في القلوب".

وقال حذيفة - رضي الله عنه -: "أوَّل ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخِر ما تفقدون من دينكم الصلاة، ورُبَّ مُصَلٍّ لا خيْرَ فيه، ويُوشك أن تدخلَ مسجد الجماعة، فلا ترى فيهم خاشعًا"، وقال سهل: "مَن خشَع قلبه، لَم يقرب منه الشيطان"[13].



 توقيع : ابو فواز

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس