لاتكن امّعه
من كتاب لاتحزن للشيخ عايض القرني
لاتكن امّعه
لاتتقمص شخصية غيرك ولا تذُب في الآخرين. إن
هذا هو العذاب الدائم ، وكثيرٌ هم الذين ينسون أنفسهم
وأصواتِهم وحركاتِهم ، وكلامَهم ، ومواهبهم ، وظروفهم ،
لينصْهرُوا في شخصيِّات الآخرين ، فإذا التكلّفُ والصَّلفُ
، والاحتراقُ ، والإعدامُ للكيان وللذَّات.
من آدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنانِ في صورةٍ واحدةٍ ،
فلماذا يتفقون في المواهبِ والأخلاق .
أنت شيءٌ آخرُ لم يسبق لك في التاريخِ مثيلٌ ولن يأتي
مثُلك في الدنيا شبيه .
أنت مختلف تماماً عن زيد وعمرو فلا تحشرْ نفسك
في سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان .
انطلق على هيئتك وسجيَّتك ﴿ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ﴾ ،
﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ ﴾
عشْ كما خلقت لا تغير صوتك ، لا تبدل نبرتك ،
لا تخالف مشيتك ، هذب نفسك بالوحي ، ولكن لا
تلغِ وجودك وتقتل استقلالك.
أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك
هذا وطعمك هذا ؛ لأنك خلقت هكذا وعرفناك هكذا
((لا يكن أحدكم إمَّعة)) .
إنَّ الناس في طبائعهمْ أشبهُ بعالمِ الأشجارِ : حلوٌ وحامضٌ ،
وطويلٌ وقصيرٌ ، وهكذا فليكونوا. فإن كنت كالموزِ
فلا تتحولْ إلى سفرجل ؛ لأن جمالك وقيمتك أن تكون موزاً ،
إن اختلاف ألوانِنا وألسنتِنا ومواهبِنا وقدراتِنا آيةٌ منْ
آياتِ الباري فلا تجحد آياته .
******************************
|