عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 08-02-2018
السوسن غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
وغدًا تخضرُّ أرضي؛
وترى في مكانِ الشوكِ
وردًا وخُزامى،،
اوسمتي
لوني المفضل Black
 رقم العضوية : 2715
 تاريخ التسجيل : Apr 2016
 فترة الأقامة : 2927 يوم
 أخر زيارة : منذ 4 أسابيع (12:23 AM)
 المشاركات : 5,674 [ + ]
 التقييم : 1294647127
 معدل التقييم : السوسن سمته فوق السحابالسوسن سمته فوق السحابالسوسن سمته فوق السحابالسوسن سمته فوق السحابالسوسن سمته فوق السحابالسوسن سمته فوق السحابالسوسن سمته فوق السحابالسوسن سمته فوق السحابالسوسن سمته فوق السحابالسوسن سمته فوق السحابالسوسن سمته فوق السحاب
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي مفهوم الرجولة... ومواقف الرجال



مفهوم الرجولة... ومواقف الرجال

لا عجب في أن تنهار مفاهيم الرجولة والأنوثة في زمن الانهيارات والانتكاسات حيث قلبت المفاهيم وأخذت عكس مضامينها، وبدأ يخلط الكثيرون بين مفهومي الذكورة والرجولة، وعدم التفريق بينهما، فليس كل ذكر رجلاً، وإن كان كل رجل ذكرا.
إن صفة الذكورة تطلق غالباً في الأمور الدنيوية عند الميلاد وعند توزيع الميراث وما شابه ذلك، فهي كلمة تلفظ ليبين جنس الفرد، أما الرجولة صفة تصنعها التربية ومواقف الحياة وتأتي في مواطن خاصة دون التعرض لما يعتنقه من مبادئ أو أخلاق أو قيم.

هناك تباين واختلاف في مفهوم الرجولة الإجتماعي والثقافي عند الكثيرين، ويتفاوت حسب البيئة والمهنة والمستوى الاجتماعي والمنطقة الجغرافية، كما يختلف من زمن إلى آخر ومن مجتمع لآخر، بل قد يختلف أيضاً في المجتمع الكبير من منطقة إلى أخرى حسب تعدد الثقافات الفرعية وتمايزها عن الثقافة الأم.

فثمة من يحصر الرجولة بالقوة والشجاعة والفتوة والعنف والصوت الجهوري، والظهور في المواقف الصعبة والأزمات للمساعدة، ومنهم من يفسرها بالكرم والاستضافة وإقامة الولائم، وآخرون يحددونها بالزعامة والقيادة،
ومنهم من يظن أنها بتحصيل المال والغنى ومنهم من يظن أنها في إماتة العواطفَ وإظهار الجَلافة والقسوة والهيمنة والتجبُّر، وكلما بدا مسيطرًا وحاسمًا وأصدر الأوامر والنواهي كلما كان أكثر رجولة إلى غير ذلك من تفاسير لمفهوم هذا المصطلح والحقيقة أن الرجولة تحمل شيئاً من بعض المعاني السابقة لكنها ليست بالمعنى الذي يرمي إليه الكثير.

إن الرجولة كلمة وموقف ومدلولات حقة يجب أن يعيها ويدركها الذكور، لقد كان اهتمام أصحاب البصيرة بالجوهر لا بالمظهر، وبالكيف لا بالكم، وبتربية العقول والأفهام قبل تربية البطون والأجسام،
فالرجولة ليست بالجسم ولا بالمال ولا بالجاه، وإنما هي قوة نفسية تنأى بصاحبها عن صغائر الأمور وتبعده عن التفاهات، قوةٌ تجعله كبيرا في صغره، غنيا في فقره، قويا في ضعفه، فقد ينقذ الرجل الواحد الموقف بمفرده بمواقفه الرجولية التي ربما عملها بمفرده.
فهناك فوارق بين الرجولة كقيمة والرجولة كجسد، والرجولة الحقيقية تكمن في اكتمال صفاتها الجسمية والعقلية والخلقية.

الرجل كلمة, وكلمته أكبر من ألف عقد أو إيصال يحفظ ويصدق ويحرص على الحفظ والوفاء بوعده وعهده وبكلمته، إذ قد ينقض رجولته فيما لو كسر له كلمة، فهو رجل بوفائه بالوعود، وقوته في القول،
فالكذب ضد الرجولة فالرجل القوي يصارح ويكاشف وهو الذي لا يهاب شيئاً لا يكذب أيضاً ولا تحركه غرائزه بل عقله وضميره، لكن معظمهم اليوم يغيرون كلامهم حسب الظروف والمواقف يوعدون من أجل الوصول إلى هدف ما وبمجرد الوصول تظهر الحقيقة والكذب والخداع وتنتهي شرف الكلمة.

الرجل موقف، حيث تتضح الرجولة من خلال التعرض للمواقف الملمة والحرجة وكيفية التخلص منها، فقد يحتاج ذلك إلى شجاعة وحسن تصرف أو إلى حلم وهكذا،
وقد قيل (الرجال معادن) يعني أنهم يتفاوتون في صفاتهم كما تتفاوت المعادن، فالمعدن الحقيقي يقابل الرجولة الحقيقية وقيل أيضاً (وكم رجل يعد بألف رجل وكم رجل يمر بلا عداد)، فالرجولة المقصودة هنا هي المواقف وهي التي تحدد كم يساوي كل واحد مقارنة بغيره.

إن الرجولة قدرة على تحمل واستيعاب جوانب المسؤولية ومواجهة مصاعب الحياة بكل ثبات، والإستعداد لقول وتطبيق كلمة الحق والعدل والصدق والإخلاص وهي العنوان لتلك المواقف والظروف دون مبالاة برضى البشر أو سخطهم،
لا يلجأ إلى المُشاجرات أو الصياح أو استخدام القوة البدنية أو اللفظية، بل يلجأ إلى الأسلوب اللين والحكمة والتعامل بتأن وعقلانية.

الرجولة هي الحكمة في صناعة القرار احترام الآخر وحسن الانصات إليه وهي الرزانة والحنكة في الحكم والتحكم، هي الثبات وعدم التسرع وقت الشدة، وعدم إلقاء اللوم على الآخرين، بل القدرة على الاحتواء دائماً.
فبالرجولة ترفع أو تذل أقوام وتدخل الأمم التاريخ. وأصبح من الضرورة أن تناقش معاني الرجولة وتدرس دراسات علمية لإحداث التغيير المطلوب في بعض المعاني الخاطئة للرجولة.

يبنى مفهوم الرجولة الإجتماعي من خلال ثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده وقيمه وأيضاً التنشئة الإجتماعية بمصادرها المعروفة مثل الأسرة والمدرسة ووسائل الإتصال والإعلام,
كما أن الثقافة تلعب دوراً أساسياً في صياغة مفهوم الرجولة والأدوار والتوقعات الاجتماعية المرتبطة به.

ومما ينمي الرجولة في شخصية الطفل تجنب إهانته خاصة أمام الآخرين، وعدم احتقار أفكاره، وتشجيعه على المشاركة، وإعطائه قدره وإشعاره بأهميته، وأخذه للمجامع العامة وإجلاسه مع الكبار,
مما يزيد في عقله وفهمه ووعيه، ويحمله على محاكاة الكبار، ويرفعه عن الاستغراق في اللهو واللعب.
وهناك وسائل أخرى لتنمية الرجولة لدى الأطفال الذكور، منها الاهتمام بالحشمة في ملابسه، وإبعاده عن التّرف والكسل والرّاحة والبطالة. فمن الضرورة تشريب الطفل الذكر معنى الرجولة وتأكيد هذا المعنى بحيث يكون معنى الرجولة أمراً ملازماً للذكورة.

تعددت المفاهيم الخاطئة للرجولة وتاه معناها في هذا الزمان بين الذكورة والرجولة والموقف واللاموقف، فالرجل والرجولة لم تستخدم إلا في وصف المواقف التي تميز الأحياء فعلاً ومضموناً،
عن الأحياء شكلًا ومظهراً, وليست للتمييز بين الذكر والأنثى، فالرجولة كلمة وموقف وليس كل من يحمل هوية يكتب بها ذكر كان رجلاً، لربما الهيئة يوحي برجل لكن الحقيقة قد تكون مختلفة.
إذا فقدوا أخلاق الرجولة صاروا أشباه الرجال، فكم من ذكر عاش على وجه الأرض ومات ولم يعرف للرجولة طريقا، إن صناعة الرجال أمر يحتاج إلى الصبر والدقَّة في التربية والتوجيه، ولو كان سهلاً، لامتلأت الدنيا بالرجال وما اشتكى الزمان من قِلَّتهم




رد مع اقتباس