عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-2015   #9


الصورة الرمزية ندى
ندى متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2710
 تاريخ التسجيل :  Apr 2013
 أخر زيارة : منذ ساعة واحدة (04:43 PM)
 المشاركات : 112,355 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Black
رد: لماذا لا نُعدّد ؟



ردا على مقال الأخت الفاضلة د. عائشة الشهري من الفقير لربه/ محمد الهديان:
وأقول في مطلع مقالي: الحمد لله على نعمائه وفضله وحبه لعباده، حيث شرع لهم في هذا الدين الحنيف القويم قيماً ومبادئ ساميةً شاملةً متكاملةً ودقيقةً صالحةً لكل زمانٍ ومكان، يرتقي فيها عباده العاملين بها نحو سمو الأخلاق، وعفة الأرواح والعقول والأجساد، ثم أقول:
نعم.. ما قالته الدكتورة عائشة في مقالها فيه جانب من الصحة كبير، ونشكرها جزيل الشكر على طرحها لهذا الموضوع الحساس وعلى شفافيتها ووضوح تعبيرها، حيث تضرر كثير من بيوت المسلمين من عدم تطبيق مبدأ التعدد في الزوجات، وكثرت نسب العوانس شهرا بعد الآخر، والله المستعان في كل الأحوال والأمور، ولكن ودِدْتُ أن ألقي الضوء على بعض الجوانب التي قد تكون -عاطفة الدكتورة عائشة وتعاطفها مع واقعنا الأليم- قد أغفلتها، حيث أنه وبعد نظرة شاملة للموضوع وبعد تمعُّنٍ لكثير من جوانبه وجدت بأن الخوف أو الجبن كما وصفته الدكتورة لدى الرجال ليس هو السبب الرئيسي لترك التعدد، حيث أن الرجل بطبيعته السايكولوجية، الروحية، العاطفية يغلب عليه الغلظة والشدة والقسوة، فعندما نراجع مواقفه العاطفية حتى على مر التاريخ والعصور نجد بأن هناك رجالاً قاموا باتخاذ قرارات تخص أهل بيوتهم ونسائهم تحديداً دون خوف منهن أو وجل، من طلاق على سبيل المثال، أو تأديب، أو هجرٍ في المعاشرة، وقد تطرقت أختنا الفاضلة لمسألة كثرة مخالطة الرجل لزوجته ومعرفتها لكل خباياه وأسراره، وجعلت هذا سبباً لكسر هيبته في منزله، وهذا غير صحيح على الإطلاق، فلو كان هناك امرأة تتكسر حواجز هيبة زوجها أمامها لكثرة مخالطته لها لكانت زوجة عمر بن الخطاب أولى بذلك حينما كان يساعدها في الأعمال المنزلية اليومية أو الأسبوعية رضي الله عنهم جميعا وعنا معهم، ولو كانت المرأة تسيطر على الرجل لما استطاع كثير من شبابنا السفر أو مرافقة أقرنائهم في الرحلات البرية، أو لما استطاع الشاب أن يمارس حريته اليومية على أكمل وجه ويزيد، فهذه الجوانب التي تطرقت لها هي تعتبر حصرا لمشكلة ضخمة ومشكلة عميقة في جوانب سطحية ليس لها علاقة مباشرة باتخاذ قرار التعدد من عدمه.
إن المعضلة الحقيقية مع الأسف في مجتمعاتنا وتحديدا في مجتمعنا السعودي أضخم من ذلك، وأسرد لكم رأيي بحسب مراجعة حالات واقعية ملموسة نشاهدها في حياتنا اليومية لا عدد لها من كثرتها، حيث لا يستطيع عاقل أن ينكر مسألةً تقع في الدرجة الأولى سبباً مباشراً لعزوف الرجال عن تعديد الزوجات، ألا وهي: اختلاف نساء الحاضر عن نساء الماضي، ففي الماضي كانت التربية المنزلية والأسرية تقوم على مبادئ وقيمٍ راسخة من هذا الدين الحنيف القويم، والتي أشرت لصلاحيتها لكل زمان ومكان آنفاً، حيث كانت الفتاة تربى على قداسة الرجل، واحترامه، ويتم تعليمها منذ صغرها بأن هذا الرجل هو المعيل لها، وهو الشخص الذي يسعى لأجلها ولأجل أطفالها، وأن هذا الرجل هو صاحب الرأي والكلمة، وأن إرضاء هذا الرجل فيه إرضاءٌ لرب العالمين، وأن هذا الرجل هو من سيبقى لها بعد رحيل والديها بعد عمر طويل على الطاعة، وأنه يجب عليها طاعته فيما حلل الله سبحانه، وكانت قداسة الرجل تدرَّس في المنازل تدريسا للفتياة منذ الصغر، وكان المنزل منبع أجيال رائدة بأخلاقها، رائدة بثقافتها الحياتية، رائدة بتعاملاتها الخلاَّقة، وكان المنزل هو منبع كل أمر جميل في السابق.
أما اليوم فأقل كلمة تقال للابن في المنزل حينما يأمر أخته بلبس عبائة فضفاضة لستر ما ظهر من مفاتنها: (أنت ليس لك علاقة، هي تلبس ما تريد، وطالما أن والدها حي فلا سلطة لك عليها)، أو نحو ذلك مما يشبِّعُ عقل الفتاة بسموم موجعة نابعة من الأم أو الأب تتسبب هذه السموم في تلويث فهمها الصحيح عن ماهية الرجل، وبالتالي تقتل صورة الرجل القائد الفارس في عقلها، فلا تجد له احتراما كسابق زماننا، ولا تقديرا، ولا اهتماماً، ولا هيبة.
إن المتأمل في حال فتياتنا ليجد أبشع صور إهمالهن لأزواجهن داخل منازلهم، إهمال في المشاعر، وإهمال في تبادل الأحاديث، وإهمال في التزيِّن، وإهمال في انتقاء العبارات معه، وإهمال في كثير من الجوانب النفسية والعاطفية، بل وحتى في المعاشرة الزوجية يواجه الرجال عزوفاً كبيراً في كثير من الحالات، وذلك بسبب كون المرأة اليوم ثقلاً وعبئاً على الرجل، فهي تطالب دائما بما تراه في يد صديقاتها، وتطالب بالسفر كقريناتها، وتطالب وتطالب وتطالب، وفي حال عدم مقدرة الرجل اليوم.. نجد أن الشخصية التي تم بناؤها في منزل الفتاة لها تخرج معاندة هذا الزوج، أو مهملة لهذا الزوج، أو هاجرة لهذا الزوج، وأصبحت مطالبها كلها غاياة وليست وسائل، فالسفر غاية وليس وسيلة، والجوال غاية وليس وسيلة، والمنزل غاية وليس وسيلة، وغيرها الكثير من الغايات التي فقط تريدها المرأة لتقوم بتصويرها ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لتريها لزميلاتها وأخواتها ومن حولها، وليست وسائل تستخدمها لإسعاد هذا الرجل المكافح الصابر المبتلى.
ثم أنتقل لمسألة حساسة جدا وهي تعتبر سببا حقيقيا لعزوف الرجال عن التعدد، وهي: تعقل الرجل وحكمته، فالرجل اليوم ليس كالرجل سابقا ولا ننكر هذا، لأن الرجل اليوم يحمل هم أبنائه في كثير من الحالات التي مرت عليَّ شخصيا أكثر من المرأة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الأبناء مَجْبَنَةٌ مبخلةٌ مجهلة)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالرجل يَجْبُنُ عن الخروج للجهاد بسبب أولاده، ويقل إكرامه لضيوفه بسبب خوفه على لقمتهم، ويغضب لغضبهم وهذا معنى الثالثة، فعلاقة الأب مع أبنائه اليوم ليست كما في سابق عهد أجدادنا، لأن الأم مستعدة للتخلي عنهم مع الأسف في أي لحظة، ومجرد اتخاذها لقرار الانفصال وأخذ أولادها ليتربوا في بيت أخوالهم أو عند من سيتكفل بأمهم لهو الطامة الكبرى في زماننا هذا، حيث لا أحد يكترث لأمر أحدٍ اليوم، فالكل لاهٍ بنفسه وولده وعمله، وسفره وأصحابه وحياته، وسيكون هؤلاء الأطفال ضحية النشأة الخاطئة لأمهم في منزل والديها مع الأسف، فالرجل اليوم دائما ما يفكر بتربية أولاده ومحاولة الحفاظ لهم على الاستقلالية في العيش والاستقرار النفسي والمعنوي لهم، حيث يحاول عدم جعل أولاده يحتاجون لأحد نظرا لظروف شظف العيش التي تعيشها كثير من الأسر لدينا في هذا الزمان، فكل رب أسرة يحمد الله على أنه قادر على القيام بمهامه وواجباته المادية تجاه منزله وأولاده، ومن الصعب عليه تحمل أعباء تربية أولاد أخته أو أولاد ابنته، لأن المطالب أصبحت كبيرةً اليوم، والرغبات تتسع يوما عن الآخر في ظل التطور التقني والتيكنولوجي في الحاضر، فالرجل دائما يأخذ موقف المتعقل الحكيم، ولا يقدم على التعدد لسببين هما إيجاز لما سبق كله:
1) من الصعب إيجاد فتاة تربت تربية السابقين، تلك التربية التي تحفزك على التعدد في الزوجات.
2) زوجته لن تفكر في مستقبل أولادها عند طلبها لفراقه حال زواجه.
وفي الختام أتمنى من الله العلي القدير أن يوفقني وإياكم لأن نخرِّجٓ أجيالا من الفتياة يملأ قلوبهن حب أزواجهن، وتملأ الحكمة عقولهنَّ، ويكنَّ خير مثال يحتذى به في العالم العربي والإسلامي في تعاملهن مع أزواجهن.
كما أسأل الله أن ينفع بنا وبكم يا د. عائشة، وأن يجعلنا وإياكم مفاتيح لأبواب الخير، مغاليق لأبواب الشر إنه ولي ذلك والقادر عليه.


في منتصف الجبهة يادكتوره..
احترم واقدر كل حرف كتبه الاستاذ الفاضل
لله دره وصح لسانه
والله يهدينا جميعآ الى سواء السبيل


 

رد مع اقتباس