عرض مشاركة واحدة
قديم 12-03-2012   #3


مفرح التليدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 948
 تاريخ التسجيل :  Jan 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:21 PM)
 المشاركات : 10,305 [ + ]
 التقييم :  214865886
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: درس السيره ( دروس وعبر من سيرة خير البشر )



الدرس الثاني


مقدمة في أنساب العرب (1)



أولا :- فضل تعلم الانساب


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في أثره )


أخرجه الإمام أحمد في مسنده ( 2/ 374 ) حديث رقم: 8855 والحاكم في مستدركه وصححه ( 4 / 178 ) حديث رقم: 7284 والطبراني في معجمه الأوسط (8/ 172 ) حديث رقم: 8308 وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق ج 1/ ص 85 حديث رقم: 252


ومعنى مثراة في المال : أي أنه سبب لكثرته .
و منسأة في الأثر : تأخير في الأجل وتطويل في العمر .


وأخرجه البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس قال : ( احفظوا انسابكم تصلوا أرحامكم فإنه لا بعد بالرحم إذا قربت وإن كانت بعيدة ولا قرب بها إذا بعدت وإن كانت قريبة وكل رحم أتيه يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها وعليه بقطيعة إن كان قطعها باب هل يقول المولى إني من فلان )
البخاري في الأدب المفرد ج 1/ ص 40 حديث رقم: 27773
وقال الشيخ الألباني رحمه الله : حسن الإسناد ، وصح مرفوعا - انظر السلسلة الصحيحة (277)

وكذلك أخرجه البخاري من طريق جبير بن مطعم عن عمر بن الخطاب أنه قال على المنبر : ( تعلموا أنسابكم ثم صلوا أرحامكم والله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء ولو يعلم الذي بينه وبينه من داخلة الرحم لأوزعه ذلك عن انتهاكه )
البخاري في الأدب المفرد ج 1/ ص 39 حديث رقم: 72


وقال عمر رضى الله عنه :
تعلموا أنسابكم تعرفوا بها أصولكم ، فتصلوا بها أرحامكم .
وقيل : لو لم يكن من معرفة الأنساب إلا اعتزازها من صولة الأعداء، وتنازع الأكفاء لكان تعلمها من أحزم الرأي، وأفضل الثواب، ألا ترى إلى قول قوم شعيب عليه السلام حيث قالوا :" ولولا رهطك لرجمناك " فأبقوا عليه لرهطه "
وقال عمر رضي الله عنه :
تعلموا العربية فإنها تزيد في المروءة، وتعلموا النسب فرب رحم مجهولة قد وصلت بعرفان نسبها
ويحث عمر رضي الله عنه المسلمين على تعلم الأنساب لما له من أثر في صلة الأرحام وزيادة المحبة فيقول :
" تعلموا أنسابكم تصلوا بها أرحامكم ، ولا تكونوا كنبط السواد إذا سئل أحدكم من أنت ؟ قال من قرية كذا ، فوالله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء لو يعلم الذي بينه وبينه من دخله – يعني باطن الآمر – الرحم لردعه ذلك عن انتهاكه .
ومن كلام علي رضى الله عنه:
" أكرم عشيرتك فانهم جناحك الذي به تطير، فانك بهم تصول، وبهم تطول وهم العدة عند الشدة أكرم كريمهم، وعد سقيمهم وأشركهم في أمورك، ويسر عن معسرهم "
فضل الأنساب ومسيس الحاجه إليه
لا خفاء أن المعرفة بعلم الأنساب من الأمور المطلوبة والمعارف المندوبة لما يترتب على ذلك من الأحكام الشرعية .
وعلي ذلك تترتب أحكام الورثة فيحجب بعضهم بعضاً , وأحكام الأولياء فى النكاح فيقدم بعضهم على بعض , وأحكام الوقف أذا خص الواقف بعض الأقارب أبو بعض الطبقات دون بعض , وأحكام العاقلة فى الدية حتي تضرب الدية على بعض العصبة دون بعض وما يجري مجري ذلك فلولا معرفة الأنساب لفات إدراك هذه الأمور وتعذر الوصول إليها


ثانيا :- الفوائد الفقهيه في تعلم النسب





الفائدة الأولى :

لايمكن للمسلم القيام بحقوق أقاربه إلا بمعرفة نسبه ، وقد رغب الشارع الحكيم في الإحسان إلى الأقارب وذلك في عدة صور من أهمها :
ـ دفع الزكاة للمستحقين
ـ الإنفاق عليهم وإكرامهم
ـ برهم بأنواع الإحسان والتقدير
ـ الوصية للأقارب
ـ الوقف لهم

الفائدة الثانية :

إن لأقارب الرسول صلى الله عليه وسلم أحكاما خاصة بهم ولايمكن تطبيقها إلا بمعرفة أنسابهم ومنها :
ـ الزكاة لاتدفع لهم
ـ لهم خمس الخمس من الغنائم
ـ الفيء يصرف في مصالح المسلمين ويبدأ ببني هاشم ثم الأقرب فالأقرب

الفائدة الثالثة :

قسمة المواريث لاتمكن قسمتها إلا بمعرفة الأنساب

الفائدة الرابعة :

وجوب الكفاءة في النسب في رأي بعض الفقهاء وهذه لاتتم إلا بمعرفة النسب

الفائدة الخامسة :

معرفة ولي المرأة الذي بيده تزويجها .

الفائدة السادسة :

معرفة الأحق بحضانة الصغير والمعتوه .

الفائدة السابعة :

معرفة من تلزمه نفقته من الأقارب .

الفائدة الثامنة :

معرفة أولى الناس بتغسيل الميت .

الفائدة التاسعة :

معرفة العاقلة الذين يعرفون الدية من جناية قريبهم

الفائدة العاشرة :

معرفة من عليه الحلف في القسامة . (1)



ثالثا :- حرص العرب على تعلم النسب


كان للعرب اهتمام بالغ في حفظ الأنساب وتعليمها،



وكانوا يقسمون النسب على درجات عرفت بطبقات النسب


وإن من يطلع على تاريخ العرب قبل الإسلام يدرك مدى اهتمامهم بحفظ أنسابهم واعراقهم


وانهم تميزوا بذلك عن غيرهم من الأمم الأخرى، ولا يعزى ذلك كله إلى جاهليتهم


كما لا يعزى عدم اهتمام غيرهم كالفرس والروم إلى تحضرهم


وإن كان الجهل قد أفرز عصبية بغيضة اساءت إلى علم النسب


سواء في ذلك العصر أو حتى في عصور الإسلام المتأخرة


وقد عزى ابن عبد ربه سبب اهتمام العرب بأنسابهم لكونه سبب التعارف


وسلم التواصل، به تتعاطف الأرحام الواشجة


وإذا كانت جاهلية العرب قد أساءت إلى علم النسب أحياناً بسوء استخدامه،


فإنها قد اساءت اليه أيضاً من ناحية عدم التدوين الذي تميز به العصر الجاهلي


ولذلك فقد تأخر تدوين الأنساب. ولم يبدأ الا مع بداية العصر الإسلامي.


وبسبب غياب التدوين اضطر العرب إلى حفظ انسابهم والعناية بها عن طريق الحفظ والمشافهة.


فاشتهر بذلك عدد من أبناء العرب، ينقلون هذا العلم، وينقل عنهم إلى أن جاء عصر التدوين فأخذ عنهم علماء النسب الأوائل.


وسوف أذكر لكم نموذجا ومثالا من اهتمام العرب بعلم النسب ومدى براعتهم في هاذا العلم .



خرج يزيد بن شيبان بن علقمه التميمي للحج فلما انتهى من الحج استعجل الرحيل قبل جماعته

والتحق بجماعة من الحجاج العائدين وكانوا من مهرة ومهرة من قضاعة

فسألهم يزيد عن نسبهم فقالوا من قضاعة فكأنه لما سمع ذلك استصغر شأنهم وصد عنهم

طبعا ً هم استغربوا من فعله .

قالوا له : مالك سألتنا عن نسبنا فلما انتسبنا لك صددت عنا .

فقال لهم : لما عرفت انكم من مهرة بن حيدان قلت انكم قوم لا تعرفون نسبي ولا اعرف نسبكم فلهذا أعرضت عنكم .

وكان معهم شيخ كبير فقال ليزيد بن شيبان : لعمري ان كنت من جذم العرب لأعرفنك .

( أي اذا كنت من اصل العرب ) .

فقال يزيد في نفسه: من هذا الذي يسألني ؟؟

فقلت ُ له : نعم . فانا والله من جذم العرب .

فقال الشيخ : فإن العرب على اربع دعائم . ربيعة و مضر و قضاعة و اليمن . فمن ايهم انت ؟

فقلت ُ : انا من مُضر .

فقال : افمن الفرسان ام من الارحاء ؟

قلت:- عرفت انه يقصد بالفرسان قيس وبالارحاء خنذف .

فقلت له بل من الارحاء .

فقال الشيخ : اذاً من خنذف .

فقلت ُ : نعم .

قال الشيخ : افمن الازمة ام من الجمجمة ؟

فقلتُ : عرفت انه يقصد بالازمة مدركة وبالجمجمة طابخة .

فقلتُ له من الجمجمة .

فقال : اذاً انت من طابخة .

قلت ُ : نعم .

فقال الشيخ : افمن الصميم ام من الوشيم ؟

فقلت ُ : عرفت انه يقصد بالصميم تميم وبالوشيم الرباب وحميش و مزينة .

فقلتُ : من الصميم .

فقال : انت اذا ً من تميم .

فقلت : نعم .

فقال : افمن الاكثرين ام من الاقلين ام من الاحزمين ؟

فقلت ُ : عرفت انه يقصد بالاكثرين بنو زيد بن مناة وبالاقلين بنو حارث بن تميم وبالاحزمين بنو عمرو بن تميم .

فقلت : من الاكثرين .

فقال : انت اذاً من زيد مناة .

فقلت : نعم .

فقال الشيخ : افمن الجدود ام من البحور ام من السماد ؟

فقلتُ : عرفت انه يقصد بالجدود بنو سعد بن زيد مناة وبالبحور بنو بني مالك بم زيد مناة وبالسماد بنو امرء القيس بن زيد مناة .

فقلت بل من البحور .

فقال : انت اذاً من بني مالك بن زيد مناة .

فقلت : نعم .

فقال الشيخ : افمن الذُرا ام من الجراثيم ؟

فقلت ُ: عرفت انه يقصد بالذُرا بنو حنضلة بن مالك وبالجراثيم بنو ربيعة وبنو معاوية وبنو قيس بن مالك .

فقلت :لا بل من الذُرا .

فقال : انت اذاً من بني حنضلة .

فقلت : نعم .

فقال الشيخ : افمن القدور ام من الفرسان ام من الجراثيم ؟

فقلتُ : عرفت انه يقصد بالقدور بني مالك بن حنضلة وبالفرسان بنو يربوع بن حنضلة وان الجراثيم هم البراجم .

فقلت بل من القدور .

فقال : انت اذاً من بني مالك بن حنصلة .

فقلت : نعم .

فقال الشيخ : افمن الارنبة ام من اللحيين ان من القفا ؟

فقلت ُ : عرفت ان يقصد بالارنبة بني دارم وان اللحيين بني قحية والعدوية وان القفا بني ربيعة بن مالك .

فقلت بل من الارنبة .

فقال : انت اذاً من بني دارم .

فقلت : نعم .

فقال الشيخ : افمن اللباب ام من الشهاب ام من الهضاب ؟

فقلت ُ: عرفت انه يقصد باللباب بني عبدالله بن دارم وبالشهاب بني نهشل بن دارم وبالهضاب بني مجاشع بن دارم .

فقلت بل من اللباب.

فقال : انت اذاً من بني عبدالله بن دارم .

فقلت نعم .

فقال الشيخ : افمن البيت ام من الزوافر ؟

فقلت ُ: عرفت انه يقصد بالبيت بنو عُدُس بن زيد بن عبدالله بن دارم و بالزوافر الاحلاف من بني زيد بن عبدالله بن دارم .

فقلت بل من البيت .

فقال : انت اذاً من بني زرارة .

فقلت نعم .

فقال الشيخ : فإن زرارة له عشرةً من الولد . حاجبا ً و لقيطا ً و معبدا ً و علقمة
و خزيمة و عبدالحارث و لبيدا ً و عمرا ً و عبد مناة و مالكا ً . من ايهم انت ؟

فقلتُ: انا من بني علقمة .

فقال الشيخ : فإن علقمة ولد رجلين شيبان والمأموم . فمن ايهما انت ؟

فقلتُ: انا ابن شيبان .

فهل توقف الشيخ عندما عرف ان محدثه هو يزيد بن شيبان .

فقال الشيخ : فإن شيبان تزوج بثلاث نسوة . مهدد بنت حمران بشر من بني قيس بن ثعلبة فولدت له يزيداً

و تزوج من عكرشة بنت حاجب بن زرارة فولدت له المأموم

وتزوج من عميرة بنت بشر من بني عُدُس فولدت له المقعد .

فلأيهن انت ؟

فقلت ُ : لمهدد .
فقال الشيخ : والله يابن اخي ما افترقت فرقتان منذ قام الاسلام الا كنتَ انت في افضلهما الا كنانة بن خزيمة بن مدركة .

حتى زحمك اخواك فإن اميهما احب اليّ من ان تلداني من امك .

ثم قال الشيخ : يابن اخي : اتُراني عرفتك ؟

فقال يزيد : وأبيك أي معرفة ! .


وبلا شك أن هاذه القصة توضح لنا مدى اهتمام العرب بعلم النسب


ومدى براعتهم فيه الى أبعد الحدود وغيرها كثير .

_______________________________________________

(1) المقصود بالقسامه :-

خمسون يميناً يقسهما ولي المقتول - أو أولياء المقتول - عندما يتهم شخصاً بقتل المجني عليه ، مع وجود قرينه - أو قرائن - تقرب احتمال صدقه ، أو يقسمها المدعى عليه عندما لا يكون ثمة قرينة لاتهامه . وللقسامه باب في الفقه الاسلامي . اسمه . ( باب القسامه )



*** للموضوع بقية في الدرس القادم . ان شاء الله ***


*** يتبع ***





 
 توقيع : مفرح التليدي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس