3 - فتش في نفسك عن سبب مرضك وعالجه من الناحية « المادية »
بالوسائل المشروعة ، ولا تهمل ذلك ، وابحث عن الدواء ؛ فلكل داء دواء إلا
الموت ، واحرص على اختيار الطبيب المسلم التقي إن قدرت ، وإن قدر لك وكان
طبيبك غير ذلك فاحذر ذلك الصنف منهم الذي بكلماته تضعف النفس ويقوى
هاجس الخوف من المرض ، ولا أبخس الأطباء حقهم ولكن « لكل قاعدة شواذ »
فلقد وجد من هم على غير الإسلام يتمثلون أو يمثلون ذلك الصنف .
ومن الناحية « المعنوية » حاسب نفسك وكن منصفاً ، وإياك أن تجاريها أو
تخدعها « فينبغي إذن لمن أصابته ضراء أو مسته بأساء أن يبحث أولاً عن سبب
ذلك في نفسه ويحاسبها ويعاتبها ، قال - تعالى - : " مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ
وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ " ( النساء : 79 ) ، وقال - تعالى - : " وَمَا
أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ "( الشورى : 30 ) فإن غُمَّ عليه ولم يعرف
لذلك سبباً ، فلا تجعل للحزن عليه سبيلاً إلى قلبه ، بل يرجع إلى السياسة الإلهية
العليا ، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه » [27] .
ثم إياك وتلك العبارات التي تعبر عن سخط وضجر كقول القائل : « يا ربي ماذا
فعلت حتى تفعل بي هكذا ؟ ! » فأنت لا تدري ما الحكمة من وراء هذا المرض .
يقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - : « إذا أصيب الإنسان بمرض فالله
لم يرد به الضر لذاته ، بل أراد المرض ، وهو يضره ، لكن لم يرد ضرره ، بل
أراد خيراً من وراء ذلك ، وقد تكون الحكمة ظاهرة في نفس المصاب ، وقد تكون
غير ظاهرة في غيره ، كما قال - تعالى - :" وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا
مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ " ( الأنفال : 25 ) ، فالمهم أنه ليس لنا
أن نتحجَّر حكمة الله ؛ لأنها أوسع من عقولنا ، لكننا نعلم علم اليقين أن الله لا يريد
الضرر لأنه ضرر ؛ فالضرر عند الله ليس مراداً لذاته ، بل لغيره ولا يترتب عليه
إلا الخير » [28]
4 - أكثِرْ من الذكر والاستغفار .
قال علي - رضي الله عنه - : « ما ألهم
الله سبحانه عبداً الاستغفار وهو يريد أن يعذبه » [29] ، وقال - تعالى - : "
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ "
( الأنفال : 33 )
فأخبر أنه لا يعذب مستغفراً ؛ لأن الاستغفار يمحو الذنب الذي هو سبب العذاب ،
فيندفع العذاب ، كما ورد عن النبي أنه قال :
«من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ، ومن كل هم فرجاً ، ورزقه
من حيث لا يحتسب » [30] وقد قال - تعالى - : " أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ
نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى
وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ " ( هود : 2-3 ) . فبين أن من وحَّده واستغفره ، متعه
متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ، ومن عمل بعد ذلك خيراً زاده من فضله » [31]
5 - عليك بالضراعة والدعاء بقلب خاشع وعين باكية في أن يشفيك الله
واحرص على تحري أوقات الإجابة ، وأقبل على الله وأثن عليه وناجه
بأسمائه الحسنى « ويستحب أن يقدم بين يدي دعائه صدقة ، من طيبات رزقه ،
وأحب ماله إليه » [32] .
6 - إن المرض لا يعني انتهاء دورك في الحياة ؛ فإن كان الله قد أخذ منك
شيئاً فقد ترك لك أشياء ؛ فالمؤمن في حركة دائمة لا يتوقف وإن عرض له
عارض عالجه وأكمل المسير . وخير مثال على ذلك حَبْرُ الأمة ابن عباس -
رضي الله عنه - عندما فقد عينيه ؛ فماذا قال ؟ لقد قال :
إن يأخذِ اللهُ من عينيَّ نورهما
***
ففي لساني وقلبي منهما نورُ قلبي ذكي ،
وعقـلي غير ذي دَخَلٍ
***
وفي فمي صارمٌ كالسيف مأثورُ [33]