عرض مشاركة واحدة
قديم 09-18-2012   #7


شروق الامل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1079
 تاريخ التسجيل :  Jun 2012
 أخر زيارة : 05-02-2014 (07:57 PM)
 المشاركات : 5,164 [ + ]
 التقييم :  23321
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: لمحات من حياة شيخ الاسلام ابن تيميه



ويختلي السلطان ناصر قلاوون بشيخ الإسلام ابن تيمية ويحدثه عن رغبته في قتل بعض العلماء والقضاة بسبب ما عملوه ضد السلطان وما أخرجه بعضهم من فتاوى بعزل السلطان ومبايعة بيبرس، وأخذ السلطان يحث ابن تيمية على إصدار فتوى بجواز قتل هؤلاء العلماء، ويذكره بأن هؤلاء العلماء هم الذين سجنوه وظلموه واضطهدوه وأنها حانت الساعة للانتقام منهم ! وأصر السلطان ناصر بن قلاوون على طلبه من شيخ الإسلام كي يخرج فتاوى في جواز قتلهم !

فماذا كــــــان رد ابن تيميــــــــة ؟


هل وجدها فرصة للتنفيس عن أحقاده وخصوماته ؟


كلا ... فنفس الكريم أرفع وأطهر من ذلك ، لقد قام ابن تيمية بتعظيم هؤلاء العلماء والقضاة ، وأنكر أن يُنال أحد منهم بسوء، وأخذ يمدحهم ويثني عليهم أمام السلطان وشفع لهم بالعفو والصفح عنهم ومنعه من قتلهم ، فقال للسلطان :


(إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم من العلماء الأفاضل!)


فيرد عليه السلطان متعجبا متحيراً : لكنهم آذوك وأرادوا قتلك مرارا ؟!


فقال ابن تيمية: من آذاني فهو في حل، ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه، وأنا لا أنتصر لنفسي !


وما زال ابن تيمية بالسلطان يقنعه أن يعفو عنهم ويصفح، حتى استجاب له السلطان فأصدر عفوه عنهم وخلى سبيلهم !!



لقد كان لسان حال شيخ الإسلام مع أعدائه : من ضاق صدره عن مودتي، وقصرت يده عن معونتي كان الله في عونه وتولى جميع شؤونه، وإن كل من عاداني وبالغ في إيذائي لا كدر الله صفو أوقاته ولا أراه مكروهاً في حياته، وإن كل من فرش الأشواك في طريقي، وضيق عليّ السبل، ذلل الله له كل طريق وحالفه النجاح والتوفيق.


لقد شهد له كبير خصومه ومن الذين هاجموه وآذوه ، شهد له بعد عمله التسامحي الفريد الذي عمله معهم أثناء غضب السلطان ناصر بن قلاوون عليهم ، لقد كان قاضي المالكية " القاضي ابن مخلوف " أحدهم ولما أفرج عنه قال عن ابن تيمية :

( ما رأيت كريماً واسع الصدر مثل ابن تيمية فقد أثرنا الدولة ضده، ولكنه عفا عنا بعد المقدرة، حتى دافع عن أنفسنا وقام بحمايتنا، حرضنا عليه فلم نقدر عليه ، وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا )
(ج) موقف ابن تيمية من بعض خصومه لما بلغه وفاتهم .
الإنسان في الغالب يفرح إذا سمع بموت أحد خصومه، وأحيانا يتشفى بذلك !
لكن ابن تيمية يختلف عن هؤلاء .. لقد ُبلغ يوماً بوفاة أشد خصومه عداوة له وهجوماً عليها، بُلغ ذلك عن طريق أقرب تلاميذه له، والذي بلغه وهو فرح بذلك
فماذا كان موقف شيخ الإسلام ابن تيمية ؟

يقول عنه تلميذه البار الإمام الحافظ ابن قيم الجوزية :

( كان يدعو لأعدائه، ما رأيته يدعو على واحد منهم، وقد نعيت إليه يوماً أحد معارضيه الذي كان يفوق الناس في إيذائه وعدائه، فزجرني، وأعرض عني، وقرأ : "إنّا لله وإنا إليه راجعون" وذهب لساعته إلى منزله، فعزى أهله، وقال : " اعتبروني خليفة له ، ونائباً عنه، وأساعدكم في كل ما تحتاجون إليه" وتحدث معهم بلطف وإكرام بعث فيهم السرور، فبالغ في الدعاء لهم حتى تعجبوا منه)

هذه النفسية التسامحية العظيمة عن ابن تيمية، أثرت عليه كثيراً حينما يتناول الطوائف والفرق المخالفة، فابن تيمية باحث عن الحق، ومن مهمة الباحث العلمي أن يعري ويكشف حقائق الأفكار وزيفها وصدقها، لأنه يقوم بمهمة علمية يفترض فيه الأمانة مع العدالة ؛ ومع ما يوصف به ابن تيمية من الحدة والقوة في الجدل، إلا أنه أنصف أشد الطوائف عداء له، وأشدها بعداً عن المعقول والمنقول


فحينما تناول شيخ الإسلام طائفة الشيعة بالنقد والتحليل، لمن يمنعه العداء والرد والنقض أن ينصف ويعدل مع هؤلاء الذين يراهم على باطل، ونصوصه في ذلك أكثر من أن تحصى، لكن منها على سبيل البيان والمثال :


يقول وهو يتحدث عن طائفة الشيعة الإمامية : ( كثيراً منهم ليسوا منافقين ولا كفاراً، بل بعضهم له إيمان وعمل صالح، ومنهم من هو مخطئ يغفر له خطاياه، ومنهم من هو صاحب ذنب يرجى له مغفرة الله) .

وقال : ( والرافضة فيهم من هو متعبد متورع زاهد).
وقال منصفاً الشيعة : ( وينبغي أيضاً أن يعلم أنه ليس كل ما ينكره بعض الناس عليهم يكون باطلاً، بل من أقوالهم أقوال خالفهم فيها بعض أهل السنة ووافقهم بعضهم، والصواب مع من وافقهم ).
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن لهم جهوداً في دعوة الكفار إلى الإسلام فدخل على أيديهم خلق كثير من الكفار.

وقال عن المعتزلة : أنه مع مخالفتهم نصروا الإسلام في مواطن كثيرة وردوا على الكفار والملاحدة بحجج عقلية .


وقد عاب شيخ الإسلام على الإمام ابن فورك الأشعري تكفيره للمعتزلة وتأليب الحكام عليهم، يقول ابن تيمية عنه : ( وقصد بنيسابور القيام على المعتزلة في استتابتهم وكما كفرهم عند السلطان، ومن لم يعدل في خصومه ومنازعيه ويعذرهم بالخطأ في الاجتهاد، بل ابتدع بدعة وعادى من خالفه فيها أو كفره فإنما هو ظالم لنفسه).


وقال عن الأشاعرة مع مخلفته لهم في كثير من الأصول والفروع:


( إنهم أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة، وهو يعدون من أهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة والرافضة وغيرهم، بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة والرافضة ونحوهم).


وكان رحمة الله يتحرج كثيراً من تكفير الأشخاص ، يقول الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي نقلاً عن زاهر السرخسي أنه قال :

( لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد، دعاني فأتيته، فقال : اشهد عليّ أني لا أكفر أحداً من أهل القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف العبارات. قلت - أي الذهبي - : وبنحو هذا أدين، وكذا كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفر أحداً من الأمة، ويقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم)


 
 توقيع : شروق الامل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس