عرض مشاركة واحدة
قديم 08-09-2012   #7


الصورة الرمزية شروق الامل
شروق الامل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1079
 تاريخ التسجيل :  Jun 2012
 أخر زيارة : 05-02-2014 (07:57 PM)
 المشاركات : 5,164 [ + ]
 التقييم :  23321
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: $ مختصر في فقة الاعتكاف $



• الحكمة من الاعتكاف:
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى (( لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفاً على جمعيته على الله تعالى ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى، فإن شعث القلب لا يلم إلا بالإقبال على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب وفضول مخالطة الأنام وفضول الكلام وفضول المنام مما يزيده شعثاً ويشتته في كل واد ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى أو يضعفه أو يعوقه أو يوقفه اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب ويستفرغوا من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه ولا يضره ولا يقطعه عن المصالح العاجلة والآجلة وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليه بدلها ويصير الهم كله به والخطرات كلها بذكره والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه فيصير أنسه بالله بدلاً من أنسه بالخلق فيعده بذلك بأنسه به يوم الوحشة في القبور حيث لا أنيس له ولا ما يفرح به سواه فهذا هو مقصود الاعتكاف الأعظم)).

• بماذا يشتغل المعتكف؟
قاعدة ذكرها الشيخ عبد العزيز بن باز وأشار إليها ابن القيم رحمهما الله جميلة جداً تبين لك هل أنت معتكف اعتكافاً صحيحاً أو أن اعتكافك دخله الخلل والنقص، قالوا أن روح الاعتكاف، (هو الاشتغال بالخالق عن المخلوقين).
فالمعتكف يشتغل بالذكر والدعاء والاستغفار والتوبة النصوح وفي قراءة القرآن والتدبر فيه وفي الصلاة والتفكر والتأمل والنظر في طريقه وسيره إلى الله والتفكر من أعظم مقاصد الاعتكاف، ونحن نعيش في منعطف خطير وكثرة الأعمال وكثرة الأشغال وكثرة السير في الحياة قد لا تعطي الإنسان فرصة ليعلم هل هو يسير المسير الصحيح أو لا؟ تأمل الآن في واقع الشباب بارك الله فيهم وفيكم وأصلحهم الله حيث يقومون بأعمال لو جلسوا وتفكروا وتدبروا لعلموا خطأ الطريق الذي يسيرون فيه، يأتي الاعتكاف وتتفرغ من أمور الدنيا بل تتفرغ من بعض الأعمال ولو كانت في طاعة الله كالأعمال الدعوية وطلب العلم، لتخلو بنفسك وتخلو بربك وتتأمل وحدك هل أنت سائر إلى الله كما ينبغي، هل طريقك صحيح؟ لو وقف الإنسان مع نفسه وخلا بذاته يتفكر ويتدبر بعيداً عن مشاكل الحياة وتزاحم أمورها عليه بعيداً عن قرنائه وأصدقائه بل بعيداً عن الكلام في الأشخاص والمناهج والقدح في هذا والجرح في ذاك لو وقف الإنسان وقفة تأمل وتدبر والتجأ إلى ربه ليهديه السبيل الأقوم، لهداه الله سبحانه إلى الطريق الصحيح، طريق النبي – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه الكرام، فالاعتكاف فرصة عظيمة لمن أداه على وجهه ليتدبر ويتفكر ويتأمل ومن ثم يمتليء بشحنة إيمانية عظيمة وزاد لمواصلة الطريق إلى الله لمواصلة حياته ودعوته بعزيمة وإخلاص وقوة، الأزمات الموجودة في الأمة الآن هل لها من خلاص؟ من منا يستطيع أن يصل إلى هذا الطريق؟ التفكير الذي يكون في خلوة الاعتكاف قد يدلك فعلاً على مخرج لهذا الواقع المر الذي تعيشه الأمة (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ )(سـبأ: من الآية46) كفار قريش لما لم يؤمنوا بالنبي – صلى الله عليه وسلم – لأنهم قالوا: وجدنا آباءنا على أمة فماذا حدث (فإنا على آثارهم مقتدون) دعاهم الله تعالى فقال: (إنما أعظكم بواحدة) ماهي هذه الواحدة يارب؟ (أن تقوموا لله مثنى وفرادى) أن تقوموا لله مثنى وفرادى تتفكروا: هل ما عليه آباؤكم صحيح أو غير صحيح؟ فالله جل وعلا كما في هذه السورة العظيمة سورة سبأ يدلنا على مخرج من الأزمات، وفي سورة الأعراف (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ)(لأعراف: من الآية184) دعاهم الله إلى التفكر، وكذلك نحن الآن لابد أن نتأكد أننا نسير السير الصحيح، فكل إنسان محاسب عن عمله أمام الله سبحانه وتعالى، نعم نستفيد من علمائنا نقتدي بهم ونستفيد ممن سبقنا، لكن كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله – صلى الله عليه وسلم –كثير من الناس أغلقوا عقولهم عند بعض العلماء، وعلى بعض طلاب العلم، بل سمعت بعضهم يأخذ من بعض صغار طلاب العلم ويترك الأخذ من كبارهم، ليست هناك عصمة لا لكبار طلاب العلم ولا صغارهم، ولسنا مطالبين بتقديس فرد من الناس أبداً بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بل لا يجوز ذلك إنما نأخذ الحق ممن ما جاء به، الشيء الذي لا يقبل ولا يليق بالعاقل ولا بالداعية أن يغلق عقله عن كبار العلماء ودعاة الحق ولو أخطأوا، ويفتح عقله وقلبه لصغار طلاب العلم وصغار الدعاة لا يليق هذا، استفد من هؤلاء صغاراً أو كباراً خذ ما عندهم من الحق لكن لا تغلق عقلك عن الآخرين، رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول لأبي هريرة لما جاء يخبره عن قصته مع الشيطان كان يسأله ما فعل ضيفك البارحة عندما كان يأخذ من التمر الذي كان يحرسه أبو هريرة رضي الله عنه، وآخر مرة قال الشيطان لأبي هريرة: ألا أدلك على كلمة تحرسك فدله على آية الكرسي فجاء يخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – ماذا قال له النبي – صلى الله عليه وسلم – هل قال له دعك من هذا الشيطان ؟ أتأخذ كلام الشيطان، قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ((صدقك وهو كذوب))، مع أنه كذوب وهو إبليس ومع ذلك أصبح حديث أبي هريرة في قصته مع الشيطان من أعظم الأدلة على فضل آية الكرسي وحمايتها للمسلم، سبحان الله كيف يريد بعضهم أن تغلق عقلك وتغلق قلبك عن عالم من العلماء، يقول أحدهم: إن فلاناً يقول لا تذهبوا للشيخ فلان ولا للشيخ فلان وقعوا في بعض الأخطاء و الاجتهادات مع أنهم ليسوا مبتدعة ولا أصحاب أهواء، فكيف يحذر منهم؟ كيف نتيح لأحد من الناس كائناً من كان أن يغلق عقولنا عن باب ويفتحها على أبواب، كيف تسمح يا أخي أن تغلق عقلك وقلبك ضد عالم وداعية وإمام من أهل السنة ولو أخطأ وتفتحه لآخر قد يكون نكرة، بل كيف تغلق الأبواب وتقول اخرجوا مع النوافذ، يغلق العقل عن علماء ودعاة أمة ويفتح لطلاب علم صغار، لم يتضلعوا بالعلم ولم تحنكهم التجربة، ولذلك تقع مصائب وكوارث ونحن نعيش هذه الأيام بعض المصائب وبعض الفتن أسأل الله أن ينجينا منها، فالخلوة والاعتكاف يعطيك فرصة للتفكر والتدبر، ستموت وحدك وتقبر وحدك وتبعث وحدك وتحاسب وحدك وتعبر الصراط وحدك.
مما يجب أن يشتغل به المعتكف المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها، والمناجاة والرقي بالمستوى الإيماني، ومحاسبة النفس على تقصيرها، تهيئة النفس للقيام بواجب الدعوة والعلم والجهاد.


 
 توقيع : شروق الامل

تعلمت الصبر و البال مهموم
تعلمت السهر وماعرفت النوم
تعلمت اضحك و الفرح معدوم
بس ماقدرت اتعلم كيف اصبر وان منك محروم


رد مع اقتباس