خولان وقحطان تأريخ وأنساب (4)



ظهور القرامطة و أنصارهم من مذحج و همدان –قحطان الجنوبيين- :
تاريخ القرامطه و دعوتهم مدون و موثق و لكن ربما لم يسهب أحد من الباحثين في البحث عن وقود تلك القوة الغريبة التي استمدها القرامطه مع أن المتفحص يجد الحل سريعا بين طيات مفاخرهم هم و أنصارهم ففي كتاب أرسلة سلطان همدان حاتم بن أحمد بن عمران اليامي لأحمد بن سليمان المتوكل وهو من أئمة الزيدية :

أبالورق الطلحي تأخذ أرضنا – و لم تشتجر فيها قنا و رماح
و تأخذ صنعا وهي كرسي ملكنا – ونحن بأطراف البلاد شحاح

وفي احدى قصائدهم لأحمد بن محمد التهامي يمتدح أحد رؤسائهم سبأ بن أحمد الصليحي:

نفضت غبار العار عن ثوب يعرب – وقد سحبت أطرافه كل مسحب
.
.
واخوتنا الأزد اليمانون ان أتوا – بغربني الأيام آل المهلب

وهي مذكورة من ضمن الأحداث التي كانت بين بني نجاح الأحباش في زبيد و بين المكارمه من حمير القائمين بالدعوة العبيدية في اليمن. ولكن ما يهمنا هو اسم قحطان الذي استخدمه عرب شمال اليمن (خولان, همدان, مذحج, حمير) ضد أي حاكم أو سلطة قحطانية يمنية خالصة مثلهم. و هذا ينطبق مع كل الذين ناصروا دعوة القرامطة و الصليحيين فقد ناصروها على أساس عرقي واضح و باسم قحطان, فيقول الشاعر عمر بن يحيى الهيثمي بمناسبة عودة المكرم الى صنعاء و بصحبتة أمه الملكه:

وبعد عوصاء الخطوب التي – رمت بني قحطان بالمؤبد


و نجد من ضمن قادتهم في معركتهم في زبيد التي انهزموا فيها أسماء قبائل لم يكن لها وجود بجوار صنعاء و لم يذكر لها وجود هناك بل كانت من ضمن قبائل سراة جنب فمثلا:
مدافع بن حسن الجنبي , و الحسن بن عمران السنحاني.

واذا علمنا أن الدولة الصليحية (القرامطه) كان استقرارها في صنعاء و هي مركز حكمهم فاننا نتسائل عن وجود قبائل هناك لم يكن لها أي وجود في تلك الأرض من قبل مثل سنحان و جنب, الا أننا نستطيع اقتفاء الأثر من خلال الخبر وهو أن تلك الدعوة قد استخدمت نار الحمية العربية القحطانية وقودا لها فاستقدمت الأنصار من كثير من البلدان يقول ابن حزم في كتابة جمهرة أنساب العرب:

وسنحان هؤلاء، وسائر جنب، ويام من همدان، هم أنصار الكافر الصليحي -لعنه الله- القائم بنواحي زبيد بدعوة بني عبيد -لعنهم الله.

ونجد دائما لهم ذكر في كثير من أحداث القرامطه فقد استعان بهم و بهمدان صاحب عدن عندما أراد عبدالنبي بن علي بن مهدي الحميري الاستيلاء عليها في القرن السادس الهجري.
انظر المخلاف السليماني للعقيلي. و كان عبدالنبي في حصن تعز و طمع في عدن و أرادها له و اشتبك مع قوات ابن حاتم و لما رآى جموعه قد تفرقت و انهزمت تمثل بقول أسعد الكامل:
و اعلم بني بأن كل قبيلة – ستذل ان نهضت لها قحطان

و أسعد الكامل هذا من أشهر ملوك حمير عند الاخباريين و ينسب له درب أسعد الكامل الا أن الشعر المنسوب اليه لا يسعنا التحقق منه. وهنا دلالة واضحه على أن جموع الصليحيين عرب خلص من القحطانيين و قد أشهروا نفسهم بذلك الاسم كرابط عنصري و رمز عرقي.

و في ذكر آخر يدل على وجودهم بنواحي صنعاء في بدايات الدولة الصليحية( و الصليحي هو الذي استطاع اخضاع كافة اليمن و الحجاز لدعوتهم و عمل مالم يقم به غيره, فيعد استيلائه على جبل مسور استمال كافة القبائل من سنحان و همدان و حمير) المصدر السابق, فقبائل حمير كثير و أرضهم ممتده و مثلهم همدان و لكن مذحج أرضها في اليمن محدوده تاريخيا و لا يعرف منها بجوار صنعاء قديما الا عنس و مراد.

فاذا علمنا أن سراة جنب و سنحان المذكورين في بلاد الغور –تهامة قحطان- وهي أرضهم قديما مع خولان كما اتضح من النقوش الحميرية و من الواقع اليوم و أن كل من ذكر نسبهم انما يذكر اخبارهم في نواحي نجران و تثليث فان هذا يدل على نزوح كثير من بطونهم مع مجاميع من يام كقوة و أنصار للدعوة الصليحية مناوئين لكل من لا ينتمي للعرق القحطاني ذلك أن الصليحيين من حمير من آل ذي جدن و البعض يرى أنهم من همدان يدعم هذا القول النصوص السابق ذكرها. على أننا لا ننكر وجود بعض فخوذهم لليوم في سراة عبيدة و تهامة قحطان ولكن ليس بالكثرة التي يرددها كثير من المتمذحجين اليوم عن جهل أو رغبة في جمع بطون قحطان تحت نسب واحد وليس لهم من ذلك الا اسم سراة جنب أو اسم سراة عبيدة و هي أسماء أماكن لا يستدل بها على النسب فالأرض تبقي على اسمها و الناس ترحل و تخلفها لغيرها. فكثير من الأرض اليمنية اليوم تحمل أسماء قبائل حميرية و يسكنها من همدان و غيرهم.