روائع الحكمة لابن حزم 2
منفعة العلم في استعمال الفضائل عظيمة
، وهو أنه يعلم حسن الفضائل =
فيأتيها ولو في الندرة.
ويعلم قبح الرذائل =
فيجتنبها ولو في الندرة .
ويسمع الثناء الحسن =
فيرغب في مثله ، والثناء الرديء = فينفر منه
، فعلى هذه المقدمات يجب أن يكون للعلم حصة في كل فضيلة ،
وللجهل حصة في كل رذيلة .
ولا يأتي الفضائل ممن لم يتعلم العلم إلا صافي الطبع جداً ،
فاضل التركيب ،
وهذه منزلة خص بها النبيون عليهم الصلاة والسلام ؛ لأن الله تعالى علمهم الخير كله ، دون أن يتعلموه من الناس.
وقد رأيت من غمار العامة من يجري من الاعتدال ، وحميد الأخلاق إلى ما لا يتقدمه فيه حكيم عالم رائض لنفسه ،
ولكنه قليل جداً. ورأيت ممن طالع العلوم ، وعرف عهود الأنبياء عليهم السلام
، ووصايا الحكماء ، وهو لا يتقدمه في خبث السيرة ، وفساد العلانية والسريرة شرار الخلق ، وهذا كثير جداً ،
فعلمت أنهما مواهب ،
وحرمان من الله تعالى.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ |