عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 02-18-2020

ابو فواز غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
فـي لـحـظـة تـشـعُـر أنـك شـخـصٌ فـي هـذا الـعـالـم
بـيـنـمـا يـوجـد شـخـص فـي الـعـالـم يـشـعُـر
أنـك الـعـالـم بـأسـره
اوسمتي
لوني المفضل Blue
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : Dec 2008
 فترة الأقامة : 5572 يوم
 أخر زيارة : منذ 13 ساعات (03:15 AM)
 الإقامة : ksa/dmm
 المشاركات : 13,339 [ + ]
 التقييم : 2147483647
 معدل التقييم : ابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحابابو فواز سمته فوق السحاب
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي قصة بائع الحكمة



يُحكى أنه في يوم من الأيام خرج أحدَ الولاةِ ، وهو متنكر في زي تاجر ليتجول في السوق القديم ، ويتعرف على أحوال العامة والرعية ، وبينما هو سائر وقع بصره على دكان قديمٍ لا يوحي بوجود بضاعة للشراء ، فقد كانت البقالة شبه خالية من أي شيء قد يقع موقع الإعجاب لدى المرء .

وكان بداخلها يقف رجل طاعن في السن ، يجلس في وهن على مقعد متهالك قديم ، ولم يكن يلفت نظر الوالي حينها سوى بضع لوحات تراكم عليها الغبار ، فاقترب من ذلك الرجل المسن وألقى عليه التحية ، فرد الرجل التحية بأحسن منها ، وهو هادئ النفس يشع منه وجهه اليقين والثقة .

فقال له الوالي : يا رجل جئت السوق كي أشتري ، ولكني لا أرى عندك ما يباع ! ، فأجاب الرجل بكل بهدوء وثقة : عندي أثمن بضائع السوق وأحسنها ، قال تلك الجملة وملامحه جامدة لا يبدو فيها أي إشارة للمزاح ، فما كان من الوالي إلا أن ابتسم وقال له : أجاد أنت فيما تقول ؟

فقال الرجل بثقة : نعم كل الجد فبضائعي غير كل البضائع التي في السوق ، وهي لا تقدر بثمن ، أما بضائع السوق فلكل منها ثمن لا تتعداه ، فاندهش الوالي لسماع تلك الكلمات من الرجل المسن ، وأخذ يقلب بصره في المكان لعله يجد أي شيء غالي ونفيس ، ولكنه لم يجد .

وقال للشيخ : إنني لا أرى في دكانك أي شيء للبيع ، فقال الرجل : أنا أبيع الحكمة للناس ، وقد بعت منها الكثير وانتفع بها كل من اشتراها ، وبقى عندي منها لوحتين ، فسأل الوالي الشيخ قائلًا : وهل تكسب من هذه التجارة يا شيخ ؟ ، فقال الرجل وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عذبة : نعم يا سيدي إنني أربح منها ما يكفيني ويزيد ، فلوحاتي غالية الثمن .

فأمسك الوالي بلوحة من اللوحات المعروضة ومسح عنها الغبار ، فإذا بجملة مكتوبة بخط جميل تقول : فكر قبل أن تعمل ، تأمل الوالي العبارة مليًا ، ثم التفت إلى الشيخ يسأله عن ثمن اللوحة ، فقال له : أبيعها بعشرة ألاف دينار فقط ، فضحك الوالي وبالغ في ضحكه ظنًا أن هذا الشيخ يهذي ، وقال له هل أنت جاد فيما تقول ، فرد الشيخ بكل هدوء : ولا جدال في الثمن .

فظن الوالي أن العجوز رجل مختل وأخذ يسايره ويساوم في ثمن اللوحات ، ولكن الرجل رفض أن ينتقص من الثمن دينارًا واحدًا ، فانصرف الوالي وهو يظن أن الرجل سينادي عليه من جديد كما يفعل الباعة في الأسواق ، ولكنه لاحظ أن العجوز لم يكترث وعاد يجلس على كرسيه بكل هدوء .

فسار الوالي وأخذ يتجول في السوق ، وفجأة راودته فكرة سيئة وقبل أن يهم بفعلها تذكر حكمة الرجل العجوز : فكر قبل أن تعمل ، فتراجع عن فكرته تلك ، ووجد في قلبه انشراحًا ورضا لموقفه هذا ، فأدرك قيمة الحكمة وانتفع بها .

وعلى الفور قرر الرجوع لدكان العجوز لشراء الحكمة بالثمن الذي قال ، فلم يبتسم العجوز ووقف بكل هدوء ونفض الغبار عن لوحته ، ثم أعطاها للوالي وتناول ثمنها كاملًا ، ولكن قبل أن ينصرف قال له العجوز : لقد بعتك هذه اللوحة ولكن لي شرط ، فقال الوالي وما هو ؟

قال الشيخ : أن تكتب تلك الحكمة في كل مكان ببيتك ، على الباب والحائط وحتى أدواتك التي تستخدمها دائمًا ، لم يدرك الوالي الغرض من وراء هذا الشرط ولكنه وافق على كل حال ، ولما عاد إلى قصره نفذ وعده وأمر بكتابة تلك الحكمة في أماكن متعددة بالقصر ، حتى على بعض ملابسه وكثير من أدواته كتب عليهم .

وتوالت الأيام والشهور وفكر قائد جند الوالي في التأمر عليه وقتله ، لينفرد بالولاية واتفق مع حلاق الوالي على فعل ذلك مقابل الكثير من الإغراءات ، ولما وصل الحلاق إلى قصر الوالي شعر بالارتباك والخوف ، خاصة حينما رأى العبارة المكتوبة على باب القصر : فكر قبل أن تعمل .

ولكنه استجمع نفسه وطرد خوفه ودخل إلى الممر الطويل ، لكنه رأى العبارة نفسها تتكرر مرات ومرات في كل مكان: فكر قبل أن تعمل ! فكر قبل أن تعمل !! فكر قبل أن تعمل. ! ، وهنا قرر الحلاق أن يخفض بصره وينظر للأرض ؛ حتى لا يرى تلك العبارة ثانية ، ولكنه حينما فعل ذلك رأى نفس العبارة منقوشة على البساط في الأرض .

فدب الخوف في قلبه دبيبًا وازداد خوفًا واضطرابًا ، وحاول أن يتمالك نفسه وهو يدخل حجرة الوالي ، ولكن ما إن انفتح الباب حتى رأى تلك اللوحة معلقة وعليها نفس العبارة ، فابتعد بنظره عنها ونظر للوالي ، فهاله أن يرى الثوب الذي يرتديه ، وقد كتب عليه نفس العبارة فشعر أنه هو المقصود بتلك العبارة .

بل انتابه شعور بأن أن يحضر صندوق الحلاقة الخاص بالملك ، ووجد عليه نفس العبارة : فكر قبل أن تعمل ، أسقط الصندوق من يده وانهار أمام الوالي واعترف له بكل شيء ، فعفا عنه الوالي ولكنه أمر بإلقاء القبض على قائد الحرس وأعوانه .

وبعدها وقف الوالي يمعن النظر في تلك الحكم التي اشتراها من العجوز بائع الحكم ، ونفض ما عليها من غبار وأخذ يتأملها في فخر وزهو ، وقرر أن يذهب للسوق ثانية ويشتري حكمة جديدة ، ولكنه حين ذهب وجد الدكان مغلق وأخبره العامة أن العجوز قد مات .



 توقيع : ابو فواز


رد مع اقتباس