عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2014   #20


الصورة الرمزية مفرح التليدي
مفرح التليدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 948
 تاريخ التسجيل :  Jan 2012
 أخر زيارة : منذ 6 يوم (06:02 PM)
 المشاركات : 10,318 [ + ]
 التقييم :  623076150
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مدونة الخطب والدروس والفوائد الشرعيه






شرح كتاب كشف الشبهات والأصول الستة (7)


وأعلم ‏:‏ أن هذه الشبه الثلاث هي أكبر ما عندهم، فإذا عرفت أن الله وضحها لنا في كتابه وفهمتها فهمًا جيدًا فما بعدها أيسر منها‏‏‏.‏

فقل له ‏:‏ وكذلك المشركون الذين بعث فيهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هم لا يعبدون هؤلاء الأصنام لاعتقادهم أنها تنفع وتضر ولكنهم يعبدونها لتقربهم إلى الله زلفى كما قال تعالى عنهم ‏:‏ ‏{‏مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 3‏]‏‏.‏ وقال ‏:‏ ‏{‏وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 18‏]‏ فتكون حالة كحال هؤلاء المشركين سواء بسواء‏.‏

‏[‏إذا قال هذا المشبه أنا لست أعبدهم كما أعبد الله ـ عز وجل ـوالإلتجاء إليهم ودعاؤهم ليس بعبادة فهذه شبهة‏.‏

‏]‏ قوله رحمه الله تعالى ‏:‏ وهذه الشبه الثلاث ‏:‏ ـ

الشبهة الأولى‏:‏ ـ قولهم‏:‏ ‏"‏إننا لا نعبد الأصنام إنما نعبد الأولياء‏"‏‏.‏

فإن قال‏:‏ أنا لا أعبد إلا الله، وهذا الالتجاء إلى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة‏.‏

فقل له‏:‏ أنت تقر أن الله فرض عليك إخلاص العبادة لله وهو حقه عليك، فإذا قال نعم فقل له‏:‏ يبين لي هذا الذي

الشبهة الثانية‏:‏ ـ قولهم‏:‏ ‏"‏أننا ما قصدناهم وإنما قصدنا الله ـ عز وجل ـ في العبادة‏"‏‏.‏

الشبهة الثالثة‏:‏ ـ قولهم‏:‏ ‏"‏أننا ما عبدناهم لينفعونا أو يضرونا، فإن النفع والضرر بيد الله عز وجل، ولكن ليقربونا إلى الله زلفى، فنحن قصدنا شفاعتهم بذلك، يعني فنحن لا نشرك بالله سبحانه وتعالى‏"‏‏.‏

فإذا تبين لك إنكشاف هذه الشبه فانكشاف ما بعدها من الشبه أهو وأيسر لأن هذه من أقوى الشبه التي يلبسون بها‏.‏

وجوابها أن تقول‏:‏ إن الله فرض عليك إخلاص العبادة له وحده‏.‏ فإذا قال‏:‏ نعم، فاسأله ما معنى إخلاص العباده له‏؟‏ فإما أن يعرف ذلك، وإما أن لا يعرف، فإن كان لا يعرف فبين له ذلك ليعلم أن دعاءه للصالحين وتعلقه بهم عبادة‏.‏

فرض عليك وهو إخلاص العبادة لله وحده وهو حقه، عليك فإن كان لا يعرف العبادة ولا أنواعها‏.‏

فبينها له بقولك قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ‏}‏ ‏[‏سورة الأعراف، الآية‏:‏ 55‏]‏ فإذا أعلمته بهذا، فقل له‏:‏ هل علمت هذا عبادة لله فلا بد أن يقول نعم، والدعاء مخ العبادة ‏[‏ قوله‏:‏ ‏"‏فبينها له‏"‏ أي بين له أنواع العبادة فقل له‏:‏ إن الله يقول‏:‏ ‏{‏ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 55‏]‏ والدعاء عبادة، وإذا كان عبادة فإن دعاء غير الله يكون إشراكًا بالله ـ عز وجل ـ وعلى هذا فالذي يستحق أن يدعى ويعبد ويرجى هو الله وحده لا شريك له‏.‏

‏]‏‏.‏

فقل له ‏[‏قوله‏:‏ ‏"‏فقل له ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ إلخ‏"‏، يعني إذا بينت أن الدعاء عبادة وأقر به فقل له ‏:‏ ألست تدعو الله تعالى في حاجة ثم تدعو في تلك الحاجة نفسها نبيًا أو غيره فهل أشركت في عبادة الله غيره‏؟‏ فلابد أن يقول‏:‏ نعم لأن هذا لازم لا محالة، هذا بالنسبة للدعاء‏]‏‏.‏

‏[‏قوله‏:‏ ‏"‏فقل له ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ إلخ‏"‏ ، يعني إذا بينت أن الدعاء عبادة وأقر به فقل له ‏:‏ ألست تدعو الله تعالى في حاجة ثم تدعو في تلك الحاجة نفسها نبياً أو غيره فهل أشركت في عبادة الله غيره‏؟‏ فلابد أن يقول‏:‏ نعم لأن هذا لازم لا محالة ، هذا بالنسبة للدعاء‏.‏‏]‏ إذا أقررت أنها عبادة، ودعوت الله ليلًا ونهارًا، خوفًا وطمعًا، ثم دعوت في تلك الحاجة نبيًا أو غيره هل أشركت في عبادة الله غيره‏؟‏ فلابد أن يقول‏:‏ نعم، فقل له ‏:‏ إذا علمت بقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ‏}‏ ‏[‏الكوثر‏:‏ 2‏]‏ وأطعت الله ونحرت له، هل هذا عبادة‏؟‏ فلابد أن يقول‏:‏ نعم

فقل له إذا نحرت لمخلوق نبي أو جني أو غيرهما هل أشركت في هذه العبادة غير الله فلابد أن يقر ويقول ‏:‏ نعم

ثم انتقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ إلى نوع آخر من العبادة وهو النحر قال ‏:‏ فقل له ‏:‏ إذا علمت بقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ‏}‏ ‏[‏الكوثر‏:‏2‏]‏ وأطعت الله ونحرت له أهذا عبادة‏؟‏ فلابد أن يقول نعم فقد إعترف أن النحر لله تعالى عبادة وعلى هذا يكون صرفه لغير الله شركًا، قال المؤلف ـ رحمه الله مقررًا ذلك‏:‏ ‏"‏ فقل له إذا نحرت لمخلوق ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ إلخ‏"‏ وهذا إلزام واضح لا محيد عنه‏.‏

‏‏ قوله‏:‏ ‏"‏وقل له أيضًا ‏:‏ المشركون ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏إلخ‏"‏ إنتقل المؤلف إلى إلزام آخر سبقت الإشارة إليه وهو أن يسأل هذا المشبه هل كان المشركون يعبدون الملائكة والصالحين واللات وغير ذلك فلابد أن يقول ‏:‏ نعم فيسأل مرة أخرى‏:‏ هل كانت عبادتهم إلا في الدعاء والذبح والإلتجاء ونحو ذلك مع إقرارهم بأنهم عبيد الله وتحت قهره كانوا يعبدون الملائكة والصالحين واللات وغير ذلك‏؟‏ فلا بد أن يقول‏:‏ نعم، فقل له ‏:‏ وهل كانت عبادتهم إياهم إلا في الدعاء والذبح والإلتجاء ونحو ذلك، وغلا فهم مقرون أهم عبيده وتحت قهره، وأن الله، هو الذي يدبر الأمر، ولكن دعوهم والتجأوا إليهم للجاه والشفاعة، وهذا ظاهر جدًا‏.‏

فإن قال‏:‏ أتنكر شفاعة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتبرأ منها‏؟‏ فقال‏:‏ لا أنكرها ولا أتبرأ منها، بل هو ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشافع المشفع وأرجو شفاعته، ولكن الشفاعة كلها لله، كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا‏}‏ ‏[‏سورة الزمر، الآية‏:‏ 44‏]‏‏.‏

وأن الله هو الذي يدبر الأمر لكن دعوهم والتجؤوا إليهم للجاه والشفاعة كما سبق وهذا ما وقع فيه المشبه تمامًا

قوله‏:‏ ‏"‏فإن قال‏"‏ يعني إذا قال لك المشرك المشبه هل تنكر شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يقول هذا من أجل أن يلزمك بجواز دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عسى أن يشفع لك عند الله إذا دعوته، فقل له ‏:‏ لا أنكر هذه الشفاعة ولا أتبرأ منها، ولكني أقول إن الشفاعة لله ومرجعها كلها إليه وهو الذي يأذن فيها إذا شاء ولمن شاء لقول الله ولا تكون إلا من بعد إذن الله كما قال ـ عز وجل ـ ‏{‏مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ‏}‏ ‏[‏سورة البقرة، الآية ‏:‏ 255‏]‏ ولا يشفع في أحدٍ إلا من بعد أن يأذن الله فيه ‏[‏‏قوله ‏:‏ ‏"‏ولا تكون إلا بعد إذن الله ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ إلخ‏"‏ ‏.‏ بين ـ رحمه الله ـ أن الشفاعة لا تكون إلا بشرطين‏:‏

الشرط الأول‏:‏ ـ أن يأذن الله بها لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ‏}‏‏[‏البقرة‏:‏ 255‏]‏‏.‏

الشرط الثاني‏:‏ أن يرضى الله ـ عز وجل ـ عن الشافع والمشفوع له، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا‏}‏ ‏[‏سورة طه، الآية‏:‏ 109‏]‏، ولقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ‏}‏ ‏[‏سورة الأنبياء الآية ‏:‏ 28‏]‏ ومن المعلوم أن الله لا يرضى إلا بالتوحيد ولا يمكن أن يرضى الكفر لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ‏}‏ ‏[‏سورة الزمر، الآية‏:‏ 7‏]‏، فإذا كان لا يرضى الكفر فإنه لا يأذن بالشفاعة للكافر‏.‏‏]‏ كما قال ـ عز وجل ـ ‏{‏وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى‏}‏ ‏[‏سورة الأنبياء، الآية‏:‏ 28‏]‏‏.‏ وهو لا يرضى إلا التوحيد كما قال ـ عز وجل ـ ‏:‏ ‏{‏وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ‏}‏ ‏[‏سورة آل عمران، الآية 85‏]‏‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏

تعالى‏:‏ ‏{‏قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ‏}‏ ‏[‏سورة الزمر، الآية‏:‏ 44‏]‏ ‏.‏

فإذا كانت الشفاعة كلها لله ‏[‏قوله ‏:‏‏"‏فإذا كانت الشفاعة كلها لله‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏إلخ‏"‏ أراد المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ أنه إذا كانت الشفاعة لله، ولا تكون إلا بإذنه، ولا تكون إلا لمن أرتضى ولا يرضى إلا التوحيد لمن من ذلك أن لا تطلب الشفاعة إلا من الله تعال لا من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيقول اللهم شفع في نبيك اللهم لا تحرمني من شفاعته وأمثال ذلك‏.‏‏]‏، ولا تكون إلا من بعد إذنه، ولا يشفع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا غيره في أحد حتى يأذن الله فيه، ولا يأذن إلا لأهل التوحيد تبين لك أن الشفاعة كلها لله فأطلبها منه، فأقول اللهم لا تحرمني شفاعته، اللهم شفعه في، وأمثال هذا‏.‏

فإن قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعطي الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله‏؟‏

‏{‏إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 7‏]‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏فإن قال‏"‏ أي المشرك الذي يدعو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إن الله أعطى محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشفاعة فأنا أطلبها منه‏.‏

فالجواب ‏:‏ أن الله أعطاه الشفاعة ونهاك عن هذا فقال‏:‏ ‏{‏فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا‏}‏ ‏[‏سورة الجن، الآية‏:‏18‏]‏ فإذا كنت تدعو الله أن يشفع نبيه فيك فأطعه في قوله‏:‏ ‏{‏فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا‏}‏ ‏[‏سورة الجن، الآية‏:‏18‏]‏ وأيضًا فالجواب‏:‏ من ثلاثة أوجه‏:‏

الأول‏:‏ أن الله أعطاه الشفاعة ونهاك أن تشرك به في دعائه فقال‏:‏ ‏{‏فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا‏}‏ ‏[‏سورة الجن، الآية‏:‏18‏]‏ ‏.‏

الثاني‏:‏ أن الله سبحانه وتعالى أعطاه الشفاعة ولكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يشفع إلا لمن إرتضاه الله، ومن كان مشركًا فإن الله لا يرتضيه فلا يأذن أن يشفع له كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ‏}‏ ‏[‏سورة الأنبياء، الآية‏:‏ 28‏]‏‏.‏

الثالث‏:‏ إن الله تعالى أعطى الشفاعة غير محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالملائكة يشفعون، والأفراط يشفعون والأولياء يشفعون، فقل‏:‏ له‏:‏ هل تطلب الشفاعة من كل هؤلاء‏؟‏ فإن قال‏:‏ لا فقد خصم وبطل قوله وإن قال‏:‏ نعم ‏.‏ رجع إلى القول بعبادة الصالحين، ثم إن هذا المشرك المشبه ليس يريد من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يشفع له، ولو كان يريد ذلك لقال ‏(‏اللهم شفع في نبيك محمدًا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏)‏ ولكنه يدعو الرسول فإن الشفاعة أعطيها غير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فصح أن الملائكة يشفعون، والأولياء يشفعون، ‏[‏وقال المؤلف ‏"‏إن الملائكة يشفعون ، والأولياء‏"‏ سنده حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم مطولاً وفيه فيقول الله عز وجل ‏"‏ شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون‏"‏ ‏‏ الحديث‏]‏، والأفراط يشفعون ‏[‏وقوله ‏"‏ والأفراط يشفعون‏"‏ الأفراط هم الذين ماتوا قبل البلوغ وسنده حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا من تحلة القسم‏"‏ أخرجه البخاري وله عنه وعن أبي سعيد من حديث آخر ‏"‏لم يبلغوا الحنث‏"‏‏]‏ ، أتقول‏:‏ إن الله أعطاهم الشفاعة فأطلبها منهم‏؟‏

فإن قلت هذا رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكر الله في

ـ صلى الله عليه وسلم ـ مباشرة ودعاء غير الله شرك أكبر مخرج من الملة، فكيف يريد هذا الرجل الذي يدعو مع الله غيره أن يشفع له أحد عند الله سبحانه وتعالى‏؟‏‍‍‍‍‍‍‍ ‏.‏

كتابه، وإن قلت ‏:‏ لا ‏.‏ بطل قولك ‏"‏أعطاه الله الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله‏"‏‏.‏

فإن قال‏:‏ أنا لا أشرك بالله شيئًا حاشا وكلا، ولكن الألتجاء إلى الصالحين ليس بشرك‏.‏

فقل له‏:‏ إذا كنت تقر أن الله حرم الشرك أعظم من تحريم الزنا، وتقر أن الله لا يغفره، فما هذا الأمر الذي حرمه الله وذكر أنه لا يغفره‏؟‏ فإنه لا يدري ‏[‏إذا قال هذا المشرك أنا لا أشرك0 بالله شيئًا والألتجاء إلى الصالحين ليس بشرك‏.‏ فجوابه أن يقال له‏:‏ ألست تقر أن الله حرم الشرك أعظم من تحريم الزنا، وان الله لا يغفره فما هذا الشرك‏؟‏ فإنه سوف لا يدري ولا يجيب بالصواب مادام يعتقد أن طلب الشفاعة من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الله عليه وسلم ليس بشرك فهو دليل على أنه لا يعرف الشرك الذي عظمه الله تعالى وقال فيه ‏:‏‏{‏إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ‏}‏ ‏[‏سورة لقمان، الآية‏:‏ 13‏]‏‏.‏‏]‏‏.‏

فقل له‏:‏ كيف تبرئ نفسك ‏[‏قوله‏:‏ (‏فقل له كيف تبرئ نفسك ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ إلخ‏ ) ‏يعني إذا برأ نفسه من الشرك بلجوئه إلى الصالحين فجوابه من وجهين‏:‏

تعرفه‏؟‏ أم كيف يحرم الله عليك هذا ويذكر أنه لا يغفره ولا تسأل عنه ولا تعرفه، أتظن أن الله يحرمه ولا يبينه لنا‏؟‏

فإن قال‏:‏ الشرك عبادة الأصنام ونحن لا نعبد الأصنام، فقل له ‏:‏ ما معنى عبادة الأصنام‏؟‏ أتظن أنهم يعتقدون أن تلك الأخشاب والأحجار تخلق، وترزق، وتدبر أمر من دعاها‏؟‏ فهذا يكذبه القرآن‏]‏ من الشرك وأنت لا ‏[‏يعني إذا قال لك المشرك المشبه‏:‏ الشرك عبادة الأصنام ونحن لا نعبد الأصنام فأجبه بجوابين‏:‏

يعتقد أنها تخلق وترزق وتدبر أمر من دعاها فإن زعم ذلك فقد كذب القرآن‏.‏‏]‏

الأول‏:‏ أن يقال كيف تبرئ نفسك من الشك وأنت لا تعرفه، وهل الحكم على الشيء لا بعد تصوره فحكمك براءة نفسك من الشرك وأنت لا تعلمه حكم بلا علم فيكون مردودًا‏.‏

الوجه الثاني‏:‏ أن يقال لماذا‏؟‏ لا تسال عن الشرك الذي حرمه الله تعالى أعظم من تحريم قتل النفس والزنا وأوجب لفاعله النار وحرم عليه الجنة أتظن أن الله حرمه على عباده ولم يبينه لهم حاشاه من ذلك‏.‏

وإن قال ‏:‏ هو من قصد خشية، أو حجرًا، أو بنية على قبر أو غيره، يدعون ذلك ويذبحون له ويقولون إنه يقربنا إلى الله زلفى، ويدفع الله عنا ببركته أو يعطينا ببركته‏.‏

فقل ‏:‏ صدقتن وهذا هو فعلكم عند الأحجار والأبنية التي على القبور وغيرها، فهذا اقر أن فعلهم هذا هو عبادة الأصنام فهو المطلوب‏.‏

ويقال له أيضًا‏:‏ قولك الشرك عبادة الأصنام، هل مرادك أن الشرك مخصوص بهذا وأن الإعتماد على الصالحين ودعاءهم لا يدخل في ذلك‏؟‏ فهذا يرده ما ذكر الله في كتابه من كفر من تعلق على الملائكة أو عيسى أو الصالحين ‏.‏ فلا بد أن يقر لك أن من

قوله‏:‏ ‏"‏وإن قال ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ إلخ هذا مقابل قولنا‏"‏ إن زعم ذلك فقد كذب القرآن‏"‏ يعني إن قال عبادة الأصنام أن يقصد خشبة أو حجرًا أو بنية على قبر أو غيره يدعون ذلك ن ويذبحون له، ويقولون إنه يقربنا إلى الله زلفى قلنا‏:‏ صدقت وهذا هو فعلك سواء بسواء وعليه فتكون مشركًا بإقرارك على نفسك وهذا هو المطلوب‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏ويقال له أيضًا قولك‏:‏ الشرك عبادة الأصنام‏"‏ إلى قوله ‏"‏ وهذا هو المطلوب‏"‏ هذا هو الجواب الثاني أن يقال ‏:‏ هل

أشرك في عبادة الله أحدًا من الصالحين فهو الشرك المذكور في القرآن وهذا هو المطلوب‏.‏

وسر المسألة ‏[‏قوله ‏:‏ ‏"‏وسر المسألة‏"‏ يعني لبها أنه إذا قال أنا لا أشرك بالله فاسأله ما معنى الشرك‏؟‏ فإن قال‏:‏ هو عبادة الأصنام، فاسأله ما معنى عبادة الأصنام‏؟‏ ثم جادله على ما سبق بيانه‏.‏‏]‏ ‏:‏ أنه إذا قال أنا لا أشرك بالله‏.‏

فقل له‏:‏ وما الشرك بالله‏؟‏ فسره لي‏؟‏

فإن قال ‏‏‏:‏ هو عبادة الأصنام‏.‏

مرادك أن الشرك مخصوص بهذا، وأن الاعتماد على الصالحين ودعاء الصالحين لا يدخل في ذلك، فهذا يرده القرآن وهذا هو المطلوب‏.‏



‏‏ قوله‏:‏ ‏"‏فإن قال ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ إلخ‏"‏ يعني إذا أدعى هذا المشرك أنه لا يعبد إلا الله وحده فاسأله‏:‏ ما معنى عبادة الله وحده‏؟‏ وحينئذ لا يخلو من ثلاث حالات‏:‏

الأولى‏:‏ أن يفسرها بما دل عليه القرآن فهذا هو المطلوب والمقبول، وبه يتبين أنه لم يحقق عبادة الله وحده حيث أشرك به‏.‏

الثانية‏:‏ أن لا يعرف معناها، فيقال ‏:‏ كيف تدعي شيئًا

فقل‏:‏ وما معنى عبادة الأصنام‏؟‏ فسرها لي ‏[‏يعني ويبين له أيضاً أن عبادة الله وحده هي التي ينكرونها علينا ويصرخون بها علينا كما فعل ذلك أسلافهم حين قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم ‏{‏أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب وانطلق الملأ منهم أن أمشوا وأصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء عجاب وأنطلق الملأ يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق‏}‏ ‏[‏سورة ص، الآيات 7:5‏]‏‏.‏

وان عبادة الله وحده لا شريك له هي التي ينكرون علينا ويصيحون فيه كما صاح إخوانهم حيث قالوا‏:‏ ‏{‏أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب‏}‏ ‏[‏سورة ص، الآية‏:‏ 5‏]‏‏.‏‏]‏‏.‏

فإن قال‏:‏ أنا لا أعبد إلا الله فقل‏:‏ ما معنى عبادة الله فسرها لي‏؟‏ فإن فسرها بما بينه القرآن فهو المطلوب، وإن لم يعرفه فكيف يدعي شيئًا وهو لا يعرفه‏؟‏

وإن فسر ذلك بغير معناه بينت له الآيات الواضحات في معنى الشرك بالله وعبادة الأوثان وأنه الذي يفعلونه في هذا الزمان بعينه‏.‏

وأنت لا تعرفه‏؟‏ أم كيف تحكم به لنفسك والحكم على الشيء فرع عن تصوره‏؟‏‏.‏

الثالثة‏:‏ أن يفسر عبادة الله بغير معناها، وحينئذ يبين له خطوه ببيان المعنى الشرعي للشرك وعبادة الأوثان وأنه الذي يفعلونه بعينه ويدعون أنهم موحدون غير مشركين‏.‏

‏ يعني ويبين له أيضًا أن عبادة الله وحده هي التي ينكرونها علينا ويصرخون بها علينا كما فعل ذلك أسلافهم حين قالوا للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏{‏أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ‏}‏ ‏[‏سورة ص، الآيات 7:5‏]‏‏.‏

وان عبادة الله وحده لا شريك له هي التي ينكرون علينا ويصيحون فيه كما صاح إخوانهم حيث قالوا‏:‏ ‏{‏أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ‏}‏ ‏[‏سورة ص، الآية‏:‏ 5‏]‏‏.‏

فإذا عرفت ‏‏ أن هذا الذي يسميه المشركون في زماننا ‏"‏كبير الإعتقاد‏"‏ هو الشرك الذي نزل فيه القرآن، وقاتل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الناس عليه، فأعلم أن شرك الأولين أخف من شرك أهل زماننا بأمرين أحدهما‏:‏ أن الأولين لا يشركون ولا

‏ قوله‏:‏ ‏"‏إذا عرفت‏"‏ يعني علمت معنى العبادة وأن ما عليه أولئك المشركون في زمنه هو ما كان المشركون عليه في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عرفت أن شرك هؤلاء أعظم من شرك الذين قاتلهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من وجهين‏:‏ ـ

الوجه الأول‏:‏ ـ أن شرك هؤلاء يشركون بالله في الشدة والرخاء، وأما أولئك المشركون الذين بعث فيهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنما يشركون في الرخاء ويخلصون في حال الشدة، كما قال تعالى ‏:‏ ‏{‏وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 67‏]‏‏.‏ الآية فكانوا إذا ركبوا في الفلك دعوا لله مخلصين له الدين لا يدعون غيره ولا يسألون سواه، ثم إذا أنجاهم إلى البر إذا هم يشركون، أو فريق منهم بربهم يشركون، فهذا هو وجه‏"‏‏.‏

يدعون الملائكة والأولياء والأوثان مع الله إلا في الرخاء، وأما الشدة فيخلصون لله الدعاء كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا‏}‏‏[‏سورة الإسراء، الآية‏:‏ 67‏]‏ ‏.‏

وقوله ‏:‏ ‏{‏قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ‏}‏ ‏[‏سورة الأنعام، الآيتان‏:‏ 40‏:‏41‏]‏ ‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 8‏]‏‏.‏

إلى قوله‏:‏ ‏{‏تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ‏}‏ ‏[‏سورة الزمر، الآية‏:‏ 8‏]‏‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏41‏]‏ فهم في هذه الحال ينسون ما يشركون، ولا يدعون سوى الله عز وجل‏.‏

‏‏ وهذه أيضًا كالآيتين اللتين قبلها، تدل على أن الإنسان إذا مسه الضر دعا ربه مبينًا إليه، ولكنه إذا خوله نعمة منه نسى

وقوله تعالى‏:‏ ـ ‏{‏وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ‏}‏ ‏[‏سورة لقمان، الآية‏:‏32‏]‏ ‏.‏

فمن فهم هذه المسألة التي وضحها الله في كتابه وهي أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله

ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدعون الله ويدعون غيره في الرخاء، وأما في الضراء والشدة فلا يدعون إلا الله وحده لا شريك له وينسون سادتهم ‏[‏يبين رحمه الله أن المشركين في زمانه أشد شركاً من مشركي زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن مشركي زمانه يدعون غير الله في الرخاء وفي الشدة وأما المشركون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنهم يدعون الله ويدعون غيره في حال الرخاء، وأما في حال الشدة فلا يدعون إلا الله عز وجل ، وهذا يدل على أن شرك المشركين في زمانه رحمه الله أعظم من شرك المشركين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏]‏

تبين له الفرق بين شرك أهل زماننا وشرك الأولين ولكن أين من يفهم قلبه هذه المسألة هذه المسألة فهما راسخًا، والله المستعان ‏[‏قوله‏:‏ ‏"‏تبين له الفرق ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ إلخ‏"‏ هذا جواب قوله‏:‏ ‏"‏فمن فهم هذه المسألة ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ إلخ‏"‏ أي تبين له الفرق ،بين له الفرق ، بين مشركي زمانه رحمه الله والمشركين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن شرك الأولين أخف من شرك أهل زمانه ، ولكن أين من يفهم قلبه ذلك ، أكثر الناس في غفلة عن هذا وأكثر الناس يلبس عليهم الحق بالباطل فيظنون الباطل حقاً كما يظنون الحق باطلاً‏.‏‏]‏‏.‏

الأمر الثاني‏:‏ أن الأولين يدعون مع الله أناسًا مقربين عند الله إما أنبياء، وإما أولياء وإما ملائكة، أو يدعون أشجارًا، أو أحجارًا مطيعة لله ليست عاصية، وأهل زماننا يدعون مع الله أناسا ًمن أفسق الناس، والذين يدعونهم هم الذين يحكون عنهم الفجور من الزنا والسرقة وترك الصلاة وغير ذلك ‏[‏قوله‏:‏ ‏"‏الأمر الثاني‏"‏ أي في بيان أن شرك الأولين أخف من شرك أهل زمانه رحمه الله أن المشركين في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدعون أناسًا مقربين من أولياء الله عز وجل أو يدعون أحجارًا أو أشجارًا مطيعة لله ذليلة له، أما والذي يعتقد في الصالح أو الذي لا يعصي مثل الخشب والحجر أهون ممن يعتقد فيمن يشاهد فسقه وفساده ويشهد به‏.‏ إذا تحققت أن الذين قاتلهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصح عقولًا، وأخف شركًا من هؤلاء، فأعلم أن لهؤلاء شبهة يوردونها على ما ذكرنا وهي من أعظم شبههم، فأصغ سمعك لجوابها وهي‏:‏

أنهم يقولون‏:‏ إن الذين نزل فيهم القرآن لا يشهدون أن لا إله إلا الله ويكذبون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وينكرون البعث ويكذبون القرآن ويجعلونه سحرًا، ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ونصدق القرآن، ونؤمن بالبعث ونصلي ونصوم، فكيف تجعلوننا مثل أولئك‏؟‏ ‏.‏

‏]‏‏.‏

‏ قوله‏:‏ ‏"‏الأمر الثاني‏"‏ أي في بيان أن شرك الأولين أخف من شرك أهل زمانه رحمه الله أن المشركين في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدعون أناسًا مقربين من أولياء الله عز وجل أو يدعون أحجارًا أو أشجارًا مطيعة لله ذليلة له، أما والذي يعتقد في الصالح أو الذي لا يعصي مثل الخشب والحجر أهون ممن يعتقد فيمن يشاهد فسقه وفساده ويشهد به‏.‏ إذا تحققت أن الذين قاتلهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصح عقولًا، وأخف شركًا من هؤلاء، فأعلم أن لهؤلاء شبهة يوردونها على ما ذكرنا وهي من أعظم شبههم، فأصغ سمعك لجوابها وهي‏:‏

أنهم يقولون‏:‏ إن الذين نزل فيهم القرآن لا يشهدون أن لا إله إلا الله ويكذبون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وينكرون البعث ويكذبون القرآن ويجعلونه سحرًا، ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ونصدق القرآن، ونؤمن بالبعث ونصلي ونصوم، فكيف تجعلوننا مثل أولئك‏؟‏ ‏‏.‏

هؤلاء أعني المشركين في زمانه فإنهم يدعون من يحكون عنهم الفجور والزنا والسرقة وغير ذلك من معاصي الله عز وجل ومعلوم أن من يعتقد في الصالح، أو الجهاد الذي لا يعصي الله تعالى أهون ممن يعتقد فيمن يشاهد فسقه ويشهد به وهذا ظاهر‏.‏

‏في هذه الجملة يبين رحمه الله الله شبهة من أعظم شبههم ويجيب عنها فيقول‏:‏ إذا تحققت أن المشركين في عهده عليه‏.‏

فالجواب‏:‏ ـ أنه لا خلاف بين العلماء كلهم أن الرجل إذا صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شيء وكذبه في شيء، أنه كافر لم يدخل في الإسلام، وكذلك إذا آمن ببعض القرآن بعضه كمن أقر بالتوحيد وجحد وجوب الصلاة، أو أقر بالتوحيد والصلاة وجحد وجوب الزكاء، أو أقر بهذا كله وجحد الصوم، أو أقر بهذا كله وجحد الحج، ولما لم ينقذ أناس في زمن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للحج أنزل الله في حقهم ‏{‏ولله على الناس حج البيت من أستطاع إليه سبيلًا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين‏}‏ ‏[‏سورة آل عمران، الآية‏:‏ 97‏]‏ ‏.‏

الصلاة والسلام أصح عقولًا وأخف شركًا من هؤلاء فأعلم أنهم يوردون شبهة حيث يقولون إن المشركين في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ونصدق القرآن، ونؤمن بالبعث، ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة، ونصوم رمضان فكيف تجعلوننا مثلهم، وهذه شبهة عظيمة‏.‏








 
 توقيع : مفرح التليدي



رد مع اقتباس