عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2014   #17


الصورة الرمزية مفرح التليدي
مفرح التليدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 948
 تاريخ التسجيل :  Jan 2012
 أخر زيارة : منذ 5 يوم (06:02 PM)
 المشاركات : 10,318 [ + ]
 التقييم :  623076150
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مدونة الخطب والدروس والفوائد الشرعيه







شرح كتاب كشف الشبهات والأصول الستة (4)


الدعاء على نوعين‏:‏

الأول‏:‏ دعاء عبادة بأن يتعبد للمدعو طلبًا لثوابه وخوفًا من عقابه، وهذا لا يصح لغير الله وصرفه لغير الله شرك أكبر مخرج من الملة، وعليه يقع الوعيد في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ‏}‏‏.‏ ‏[‏سورة النمل الآية‏:‏ 87‏]‏‏.‏

النوع الثاني‏:‏ دعاء المسألة وهو دعاء الطلب أي طلب الحاجات وينقسم إلى ثلاثة أقسام‏:‏

القسم الأول‏:‏ دعاء الله سبحانه وتعالى بما لا يقدر عليه الصلاة والسلام إلا هو وهو عبادة لله تعالى لأنه يتضمن الأفتقار إلى الله تعالى واللجوة إليه، واعتقاد أنه قادر كريم واسع الفضل والرحمة، فمن دعا غير الله ـ عز وجل ـ بشيء لا يقدر عليه الصلاة والسلام إلا اله فهو مشرك كافر سواء كان المدعو حيًا أو ميتًا‏.‏

والذبح كله لله ‏‏، ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏

القسم الثاني‏:‏ دعاء الحي بما يقدر عليه الصلاة والسلام مثل يا فلان اسقني فلا شيء فيه‏.‏

القسم الثالث‏:‏ دعاء الميت أو الغائب بمثل هذا فإنه شرك لأن الميت أو الغائب لا يمكن أن يقوم بمثل هذا فدعاؤه إياه يدل على أنه يعتقد أن له تصرفًا في الكون فيكون بذلك مشركًا‏.‏

‏[‏الذبح ‏:‏ ‏"‏إزهاق الروح بإراقة الدم على وجه مخصوص‏"‏‏.‏

ويقع على وجوه‏:‏

الأول‏:‏ أن يقصد به تعظيم المذبوح له والتذلل له والتقرب إليه فهذا عبادة لا يكون إلا لله تعالى على الوجه الذي شرعه الله تعالى، وصرفه لغير الله شرك أكبر لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ‏}‏‏.‏

‏[‏سورة الأنعام، الآية‏:‏ 162‏]‏‏.‏

الثاني‏:‏ أن يقصد به إكرام الضيف، أو وليمة لعرس ونحو ذلك فهذا مأمور به إما وجوبًا أو استجابًا لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه‏)‏ ‏[‏أخرجه البخاري / كتاب الأدب / باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، ومسلم / كتاب الإيمان/ باب الحث على إكرام الجار والضيف‏.‏‏]‏‏.‏

والنذر كله لله ‏[‏النذر يطلق على العبادات المفروضة عمومًا، ويطلق على النذر الخاص وهو إلزام الإنسان نفسه بشيء لله عز وجل والمراد به هنا الأول فالعبادات كلها لله تعالى لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ‏}‏ ‏[‏سورة الإسراء الآية‏:‏23‏]‏‏.‏‏]‏ والاستغاثة كلها بالله جميع أنواع العبادات كلها لله،

لعبد الرحمن بن عوف حين تزوج (‏أو لم ولو بشاة) ‏[‏أخرجه البخاري / كتاب النكاح / باب قوله تعالى ‏:‏ ‏{‏وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 4‏]‏، وفي البيوع/ باب ماجاء في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض‏}‏، ومسلم كتاب النكاح / باب الصدق‏.‏‏]‏‏.‏

الثالث‏:‏ أن يقصد به التمتع بالأكل أو الاتجار به ونحو ذلك فهذا من قسم المباح فالأصل فيه الإباحه لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ‏}‏ ‏[‏سورة يس، الآيتان‏:‏ 71، 72‏]‏ وقد يكون مطلوبًا أو منهيًا عنه حسبما يكون وسيلة له‏.‏

‏[‏الاستغاثة ‏:‏ طلب الغوث والإنقاذ من الشدة والهلاك‏.‏

وهو أقسام‏:‏

الأول‏:‏ الاستغاثة بالله عز وجل وهذا من أفضل الأعمال وأكملها وهو دأب الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم

ودليله قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ‏}‏‏.‏ ‏[‏سورة الأنفال الآية‏:‏ 9‏]‏ ‏.‏

الثاني‏:‏ الاستغاثة بالأموات أو بالأحياء غير الحاضرين القادرين على الإغاثة فهذا شرك، لأنه لا يفعله إلا من يعتقد أن لهؤلاء تصرفًا خفيًا في الكون فيجعل لهم حظًا من الربوبية، قال الله تعالى ‏:‏ ‏{‏أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ‏}‏ ‏.‏ ‏[‏سورة النمل، الآية‏:‏ 62‏]‏‏.‏

الثالث‏:‏ الاستغاثة بالأحياء العالمين القادرين على الإغاثة فهذا جائز كالاستعانة بهم، قال الله تعالى في قصة موسى عليه السلام‏:‏ ‏{‏فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ‏}‏ ‏[‏سورة القصص، الآية‏:‏ 15‏]‏‏.‏

الرابع‏:‏ الاستغاثة بحي غير قادر من غير أن يعتقد أن له قوة خفية مثل أن يستغيث بمشلول على دفع عدو صائل ‏.‏ فهذا لغو وسخرية بالمستغاث به، فيمنع لهذه العلة ولعلة أخرى وهي أنه ربما أغتر بذلك غيره فتوهم أن لهذا المستغاث به وهو عاجز أن له قوة خفية ينقذ بها من الشدة‏]‏‏.‏

وعرفت ‏[‏قوله ‏"‏وعرفت‏"‏ معطوف على ‏"‏تحققت‏"‏ الأولى‏.‏

وقوله ‏"‏عرفت جواب ‏"‏فإذا تحققت‏"‏ وما عطف عليها‏.‏‏]‏

أن إقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام، وأن قصدهم الملائكة، والأنبياء الأولياء يريدون شفاعتهم والتقرب إلى اله بذلك هو الذي أحل دماءهم وأموالهم، عرفت حينئذ التوحيد الذي دعت إليه الرسل وأبى عن الإقرار به المشركون ‏[‏قرر المؤلف ـ رحمه الله ـ أن التوحيد الذي جاءت به الرسل من الله هو توحيد الألوهية لأن هؤلاء المشركين الذين بعث فيهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانوا يقرون بتوحيد الربوبية ومع هذا استباح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دماءهم وأموالهم على أنهم يعبدون الملائكة وغيرهم مما يعبدونهم من الأولياء والصالحين يريدون بذلك أن يقربوهم إلى الله وهي كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى‏}‏ ‏[‏سورة الزمر، الآية ‏:‏ 3‏]‏ فهم مقرون بأن اللهو هو المقصود ولكنهم يقصدون الملائكة وغيرهم ليقربوهم إلى الله ومع ذلك لم يدخلهم في التوحيد‏]‏‏.‏

وهذا التوحيد هو معنى قولك‏:‏ ‏"‏لا إله إلا الله‏"‏ ‏[‏قوله‏:‏ وهذا التوحيد هو معنى قولك ‏"‏لا إله إلا الله‏"‏ أي أن الإله عندهم هو الذي يقصد لأجل هذه الأمور سواء كان ملكًا، أو نبيًا أو وليًا، أو شجرة أو قبرًا، أو جنيًا لم يريدوا أن الإله هو الخالق الرازق المدبر فإنهم يعلمون أن ذلك لله وحده كما قدمت لك، وإنما يعنون بالإله ما يعني المشركون في زماننا بلفظ ‏(‏السيد‏)‏ فأتاهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدعوهم إلى كلمة التوحيد وهي ‏"‏لا إله إلا الله‏"‏‏]‏‏.‏

فإن التوحيد هو الذي دعا إليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو معنى ‏(‏لا إله إلا الله‏)‏ أي‏:‏ لا معبود حق إلا الله ـ عز وجل ـ فهم يعلمون أن معناها لا معبود حق إلا الله ـ عز وجل، وليس معناها لا خالق، أو لا رازق، أو لا مدبر إلا الله، أو لا قادر على الإختراع إلا الله كما يقوله كثير من المتكلمين فإن هذا المعنى لا ينكره المشركون ولا يردونه، وإنما يردون معنى ‏"‏لا إله إلا الله‏"‏ أي لا معبود حق إلا الله كما قال تعالى عنهم ‏:‏ ‏{‏أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ‏}‏ ‏.‏ ‏[‏سورة ص، الآيات‏:‏ 5 : 7‏]‏ ‏.‏

يريد رحمه الله بيان أن المشركين لا يريدون بقول لا إله إلا الله، لأنهم يعرفون أن ذلك حق وإنما ينكرون معناها لا معبود حق إلا الله، وهذا الذي بدأ به المؤلف وأعاد، إنما قاله للتأكيد والرد على من يقول‏:‏ إننا لا نعبد الملائكة أو غيرهم إلا من أجل أن يقربونا إلى الله زلفى، ولسنا نعتقد أنهم يخلقون أو يرزقون‏.‏

والمراد من هذه الكلمة معناها لا مجرد لفظها ‏[‏قوله ‏:‏ ‏"‏من هذه الكلمة‏"‏ أي قول‏:‏ ‏(‏لا إله إلا الله‏)‏‏.‏‏]‏ والكفار الجهال يعلمون أن مراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذه الكلمة هو إفراد الله تعالى بالتعلق به، والكفر بما يعبد من دون الله والبراءة منه فإنه لما قال لهم قولوا ‏:‏ ‏"‏لا إله إلا الله‏"‏ قالوا‏:‏ ‏{‏أجعل الآلهة إلهًا واحدًا إن هذا لشيء عجاب‏}‏ ‏[‏سورة ص، الآية‏:‏ 5‏]‏ ‏[‏ هذه الجملة كالتي قبلها يبين فيها ـ رحمه الله ـ عز وجل ـ أن معنى لا إله إلا الله لا معبود حق إلا الله، وأن المشركين قد فهموا هذا منها،وعلموا أنه ليس المراد بها مجرد لفظها، وأن المراد بها لا معبود حق إلا الله، ولهذا أنكروه مع أنهم لا ينكرون أن الله وحده هو الخالق الرازق‏.‏‏]‏‏.‏

فإذا عرفت أن جهال الكفار يعرفون ذلك ‏[‏أي يعرفون أن معنى لا إله إلا الله، لا معبود حق إلا الله‏.‏‏]‏ فالعجب ممن يدعي الإسلام وهو لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرفه جهال‏.‏

المؤلف وأعاد، إنما قاله للتأكيد والرد على من يقول‏:‏ إننا لا نعبد الملائكة أو غيرهم إلا من أجل أن يقربونا إلى الله زلفى، ولسنا نعتقد أنهم يخلقون أو يرزقون‏.‏

الكفار ‏[‏يريد المؤلف ـ رحمه الله ـ عز وجل ـ أن يبين أن من الناس من يدعي الإسلام ولا يعرفون معنى كلمة ‏"‏لا إله إلا الله‏"‏ حيث يظنون أن المقصود هو التلفظ بحروفها دون معرفة معناها واعتقاده‏.‏ ومن الناس من يظن أن المراد بها توحيد الربوبية أي لا خالق إلا الله، ولا رازق إلا الله ‏.‏‏]‏ بل يظن أن ذلك هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد

ومن الناس من يفسرها بأن المراد بها ‏"‏إخراج اليقين الصادق عن ذات الأشياء، وإدخال اليقين الصادق على ذات الله‏"‏ وهذا التفسير باطل لم يعرفه السلف الصالح، وليس المراد به أن تتيقن بالله ـ عز وجل ـ وتخرج اليقين من غيره لأن هذا لا يمكن فإن اليقين ثابت في غير الله ‏{‏ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ‏}‏ ‏[‏سورة التكاثر، الآيتان 6، 7‏]‏‏.‏ وتيقن الأشياء الواقعة الحسية المعلومة لا ينافي التوحيد‏.‏

ومن الناس من يفسرها بأنه ‏"‏لا معبود إلا الله‏"‏ وهذا التعريف لا يصح على ظاهرة لأن هناك أشياء عبدت من دون الله ـ عز وجل ـ ‏.‏

فيكون هؤلاء أجهل من الجهال الذين بعث فيهم رسول الله، ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنهم كانوا يعرفون من معناها ما لا يعرفه هؤلاء‏.‏

القلب لشيء من المعاني، والحاذق منهم يظن أن معناها ‏"‏لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر الأمر إلا الله‏"‏ فلا خير في رجل جهال الكفار أعلم منه بمعنى ‏"‏لا إله إلا الله‏"‏ ‏.‏

إذا عرفت ما ذكرت لك معرفة قلب ‏[‏أي عرفت معنى لا إله إلا الله الحقيقي وأن معناها ‏"‏لا معبود حق إلا الله‏"‏‏]‏‏.‏ ، وعرفت الشرك بالله الذي قال الله فيه‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء‏}‏ ‏[‏سورة النساء، الآية‏:‏ 48‏]‏‏.‏ ‏[‏اختلف أهل العلم ـ رحمهم الله تعالى ـ في هذه الآية هل تشمل كل الشرك أم أنها خاصة بالشرك الأكبر‏.‏

فمنهم من قال‏:‏ تشمل كل شرك ولو كان اصغر كالحلف بغير الله فإن الله لا يغفره‏.‏

ومنهم من قال‏:‏ إنها خاصة بالشرك الأكبر فهو الذي يغفره الله‏.‏

وشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عز وجل ـ اختلف كلامه فمرة قال بالقول الأول ومرة قال بالقول الثاني‏.‏

وعلى كل حال يجب الحذر من الشرك مطلقًا، لأن العموم يحتمل أن يكون داخلًا فيه الأصغر لأن قوله‏:‏ ‏{‏أَن يُشْرَكَ بِهِ‏}‏ ‏[‏سورة النساء، الآية‏:‏ 48‏]‏‏.‏

أرسل به الرسل من أولهم إلى آخرهم الذي لا يقبل الله من أحد دينًا سواه‏]‏ وعرفت دين الله الذي‏.‏

اختلف أهل العلم ـ رحمهم الله تعالى ـ في هذه الآية هل تشمل كل الشرك أم أنها خاصة بالشرك الأكبر‏.‏

فمنهم من قال‏:‏ تشمل كل شرك ولو كان أصغر كالحلف بغير الله فإن الله لا يغفره‏.‏

ومنهم من قال‏:‏ إنها خاصة بالشرك الأكبر فهو الذي يغفره الله‏.‏

وشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عز وجل ـ اختلف كلامه فمرة قال بالقول الأول ومرة قال بالقول الثاني‏.‏

وعلى كل حال يجب الحذر من الشرك مطلقًا، لأن العموم يحتمل أن يكون داخلًا فيه الأصغر لأن قوله‏:‏ ‏{‏أَن يُشْرَكَ بِهِ‏}‏ ‏[‏سورة النساء، الآية‏:‏ 48‏]‏‏.‏

أرسل به الرسل من أولهم إلى آخرهم الذي لا يقبل الله من أحد دينًا سواه ‏[‏وهو عبادة الله وحده كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ‏}‏‏.‏ ‏[‏سورة الأنبياء، الآية‏:‏ 25‏]‏‏.‏ وهذا هو الإسلام الذي قال الله فيه‏:‏ ‏{‏وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ‏}‏ ‏[‏سورة آل عمران، الآية‏:‏ 85‏]‏‏.‏‏]‏ وعرفت ما أصبح غالب الناس فيه من الجهل بهذا ‏[‏أي بمعنى هذه الكلمة مما تقدم ذكره عند قول المؤلف رحمه الله ‏"‏فالعجب ممن يدعي الإسلام وهو لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ‏.‏ ‏.‏ إلخ‏"‏

‏]‏‏.‏

أفادك ‏[‏قوله ‏"‏أفادك‏"‏ جواب قوله‏:‏ ‏"‏إذا عرفت ما ذكرت لك ‏.‏ ‏.‏ إلخ‏"‏‏]‏ فائدتين ‏[‏يحصل ذلك من وجهين‏:‏

الوجه الأول‏:‏ أن الله تعالى فتح عليك حتى عرفت المعنى الصحيح لهذه الكلمة العظيمة ‏"‏لا إله إلا الله‏"‏ ‏.‏ وهذا فضل مما يجمعون‏)‏ [‏سورة يونس، الآية ‏:‏ 58‏] وأفادك أيضاً الخوف العظيم ‏[‏أي من ان تقع في مثل ما وقع فيه هؤلاء من الجهل بمعناها والخطر العظيم في ذلك ‏.‏‏]‏

فإنك إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل ‏[‏تعليقنا على هذه الجملة من كلام المؤلف رحمه الله‏:‏

أولاً‏:‏ لا أظن الشيخ رحمه الله لا يرى العذر بالجهل اللهم إلا أن يكون منه تفريط بترك التعلم مثل أن يسمع بالحق فلا يلتفت إليه ولا يتعلم ، فهذا لا يعذر بالجهل وإنما لا أظن ذلك ‏.‏ ‏

من الشيخ لأن له كلاماً أخر يدل على العذر بالجهل فقد سئل-رحمه الله تعالى-عما يقاتل عليه‏؟‏ فأجاب‏:‏

أركان الإسلام الخمسة ، أولها الشهادتان ، ثم الأركان الأربعة؛ فالأربعة‏:‏ إذا أقر بها، وتركها تهاوناً ، فنحن وإن قاتلناه على فعلها ، فلا نكفره بتركها ؛ والعلماء أختلفوا في كفر التارك لها كسلاً من غير جحود ؛ ولا نكفر إلا ما أجمع عليه الصلاة والسلام الصلاة والسلام العلماء كلهم، وهو ‏:‏ الشهادتان‏.‏

وايضاً‏:‏ نكفره بعد التعريف إذا عرف وأنكر ، فنقول‏:‏ أعداؤنا معنا على أنواع‏:‏

النوع الأول‏:‏ من عرف أن التوحيد دين الله ورسوله ، الذي أظهرناه للناس ؛ واقر أيضاً ‏:‏ أن هذه الإعتقادات في الحجر ، والشجر والبشر ، الذي هو دين غالب الناس ‏:‏ أنه الشرك بالله الذين بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه ، ويقاتل أهله ، ليكون الدين كله لله، ومع ذلك لم يلتفت إلى التوحيد ، ولا تعلمه ، ولا دخل فيه ، ولا ترك الشرك ، فهو كافر ، نقاتله ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏

بكفره ، لأنه عرف دين الرسول ، فلم يتبعه ، وعرف الشرك فلم يتركه ، مع أنه لا يبغض دين الرسول ، ولا من دخل فيه ولا يمدح الشرك ، ولا يزينه للناس‏.‏

النوع الثاني‏:‏ من عرف ذلك ، ولكنه تبين في سب دين الرسول ، مع إدعائه أنه عامل به ، وتبين في مدح من عبد يوسف، والأشقر ، ومن عبد أبا علي ، والخضر من أهل الكويت ، وفضلهم على من وحد الله ، وترك الشرك ، فهذا أعظم من الأول ، وفيه قوله تعالى ‏:‏ ‏(‏فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين‏(‏ ‏[‏سورة البقرة، الآية‏:‏ 89‏]‏ وهو ممن قال الله فيه ‏:‏ ‏{‏وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أثمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون‏}‏ ‏[‏سورة التوبة ، الآية‏:‏ 12‏]‏ .

النوع الثالث‏:‏ من عرف التوحيد ، وأحبه ، واتبعه ، وعرف الشرك ، وتركه ولكن يكره من دخل في التوحيد ، ويحب من بقي على الشرك ، فهذا أيضاً كافر، فيه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم‏}‏ ‏[‏سورة محمد ، الآية 9‏]‏ ‏.‏

النوع الرابع‏:‏ من سلم من هذا كله ، ولكن أهل بلده يصرحون بعداوة أهل التوحيد ، وإتباع أهل الشرك ، وساعين في قتالهم ، ويتعذر بأن ترك وطنه يشق عليه، فيقاتل أهل التوحيد مع أهل بلده ، ويجاهد بماله ونفسه، فهذا أيضاً كافر؛ فإنهم لو يأمرونه بترك صوم ، ولا يمكنه الصيام إلا بفراقهم فعل؛ ول يأمرونه بتزوج إمرأة أبيه ولا يمكنه ذلك إلا بفراقهم فعل؛ وموافقتهم على الجهاد معهم بنفسه وماله مع أنهم يريدون بذلك قطع دين الله ورسوله أكبر من ذلك بكثير، كثير؛ فهذا أيضاً كافر، وهو ممن قال الله فيهم‏:‏ ‏{‏ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم‏}‏ ـ إلى قوله ـ‏:‏ ‏[‏سلطاناً مبيناً‏]‏ ‏[‏سورة النساء، الآية‏:‏ 91‏]‏ فهذا الذي نقول‏.‏

وأما الكذب والبهتان فمثل قولهم ‏:‏ إنا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنا نكفر من لم يكفر، ومن لم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه؛ فكل هذا من الكذب والبهتان، الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله‏.‏‏]‏‏]‏‏:‏ الأولى الفرح بفضل الله ورحمته كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 58‏]‏‏.‏

‏{‏أن‏}‏ وما بعدها في تأويل مصدر تقديره ‏"‏إشراكًا به‏"‏ فهو نكرة في سياق النفي فتفيد العموم‏.‏

فإنك إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل ‏[‏تعليقنا على هذه الجملة من كلام المؤلف رحمه الله‏:‏

أولًا‏:‏ لا أظن الشيخ رحمه الله لا يرى العذر بالجهل اللهم إلا أن يكون منه تفريط بترك التعلم مثل أن يسمع بالحق فلا يلتفت إليه ولا يتعلم، فهذا لا يعذر بالجهل وإنما لا أظن ذلك‏]‏ عظيم من الله ورحمة، والفرح بمثل هذا مما أمر الله به ودليله ما ذكره المؤلف رحمه الله‏:‏ ‏{‏قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ‏}‏ ‏[‏سورة يونس، الآية ‏:‏ 58‏]‏ وفرح العبد بما أنعم الله عليه الصلاة والسلام من العلم والعبادة من الأمور المحمودة كما جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏للصائم فرحتان‏:‏ فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه‏)‏ ‏[‏أخرجه البخاري/ كتاب الصوم/ باب هل يقول إني صائم إذا شتم ، ومسلم/ كتاب الصيام/ باب فضل الصيام‏]‏‏.‏

من الشيخ لأن له كلامًا أخر يدل على العذر بالجهل فقد سئل ـ رحمه الله تعالى ـ عما يقاتل عليه‏؟‏ فأجاب‏:‏

أركان الإسلام الخمسة، أولها الشهادتان، ثم الأركان الأربعة؛ فالأربعة‏:‏ إذا أقر بها، وتركها تهاونًا، فنحن وإن قاتلناه على فعلها، فلا نكفره بتركها ؛ والعلماء أختلفوا في كفر التارك لها كسلًا من غير جحود ؛ ولا نكفر إلا ما أجمع عليه الصلاة والسلام الصلاة والسلام العلماء كلهم، وهو‏:‏ الشهادتان‏.‏

وأيضًا‏:‏ نكفره بعد التعريف إذا عرف وأنكر، فنقول‏:‏ أعداؤنا معنا على أنواع‏:‏

النوع الأول‏:‏ من عرف أن التوحيد دين الله ورسوله، الذي أظهرناه للناس ؛ واقر أيضًا ‏:‏ أن هذه الإعتقادات في الحجر، والشجر والبشر، الذي هو دين غالب الناس ‏:‏ أنه الشرك بالله الذين بعث الله رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينهى عنه، ويقاتل أهله، ليكون الدين كله لله، ومع ذلك لم يلتفت إلى التوحيد، ولا تعلمه، ولا دخل فيه، ولا ترك الشرك، فهو كافر، نقاتله‏.‏

بكفره، لأنه عرف دين الرسول، فلم يتبعه، وعرف الشرك فلم يتركه، مع أنه لا يبغض دين الرسول، ولا من دخل فيه ولا يمدح الشرك، ولا يزينه للناس‏.‏

النوع الثاني‏:‏ من عرف ذلك، ولكنه تبين في سب دين الرسول، مع إدعائه أنه عامل به، وتبين في مدح من عبد يوسف، والأشقر، ومن عبد أبا علي، والخضر من أهل الكويت، وفضلهم على من وحد الله، وترك الشرك، فهذا أعظم من الأول، وفيه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ‏}‏ ‏[‏سورة البقرة، الآية‏:‏ 89‏]‏ وهو ممن قال الله فيه‏:‏ ‏{‏وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ‏}‏ ‏[‏سورة التوبة، الآية‏:‏ 12‏]‏‏.‏

النوع الثالث‏:‏ من عرف التوحيد، وأحبه، واتبعه، وعرف الشرك، وتركه ولكن يكره من دخل في التوحيد، ويحب من بقي على الشرك، فهذا أيضًا كافر، فيه قوله تعالى ‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ‏}‏ ‏[‏سورة محمد، الآية 9‏]‏‏.‏

النوع الرابع‏:‏ من سلم من هذا كله، ولكن أهل بلده يصرحون بعداوة أهل التوحيد، وإتباع أهل الشرك، وساعين في قتالهم، ويتعذر بأن ترك وطنه يشق عليه، فيقاتل أهل التوحيد مع أهل بلده، ويجاهد بماله ونفسه، فهذا أيضًا كافر؛ فإنهم لو يأمرونه بترك صوم، ولا يمكنه الصيام إلا بفراقهم فعل؛ ول يأمرونه بتزوج إمرأة أبيه ولا يمكنه ذلك إلا بفراقهم فعل؛ وموافقتهم على الجهاد معهم بنفسه وماله مع أنهم يريدون بذلك قطع دين الله ورسوله أكبر من ذلك بكثير، كثير؛ فهذا أيضًا كافر، وهو ممن قال الله فيهم‏:‏ ‏{‏سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ‏}‏ ـ إلى قوله ـ‏:‏ ‏{‏سُلْطَانًا مُّبِينًا‏}‏ ‏[‏سورة النساء، الآية‏:‏ 91‏]‏ فهذا الذي نقول‏.‏

وأما الكذب والبهتان فمثل قولهم‏:‏ إنا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنا نكفر من لم يكفر، ومن لم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه؛

فكل هذا من الكذب والبهتان، الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله ‏.‏

وإذا كنا‏:‏ لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم، وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا، أو لم يكفر ويقاتل‏؟‏‍‍ ‍‍‍‍‍‍‍‏{‏سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ‏}‏ ‏[‏سورة النور، الآية‏:‏ 16‏]‏‏.‏

بلك نكفر تلك الأنواع الأربعة، لأجل محادتهم لله ورسوله، فرحم الله امرءًا نظر نفسه، وعرف أنه ملاق الله، الذي عنده الجنة والنار؛ وصلى الله على محمد وآله وصحبه، وسلم‏.‏






 
 توقيع : مفرح التليدي



رد مع اقتباس