رد: مدونة جنوبي (رحلة في عالم الحياة)
عياد الخمعلي العنزي رجل اشتهر بالطيب والكرم وحسن الجوار ، وكان له جارا اسمه أبو ذيب الشمري على قدر عالي هو الآخر من الطيب والكرم والأخلاق الحميدة ، فنشأت بينهما صداقة حميمة وعشرة طيبة وجيرة يضرب بها المثل ، وهذه عادة الطيبين الذين يحرصون على حقوق الجار وواجباته ، وبعد فترة من الزمن أصيبت إبل الشمري بداء الجرب المعدي والذي يخشاه أهل البادية ويتجنبونه كي لا ينتقل لمواشيهم فيكون سببا لفناء مصدر رزقهم وقوت يومهم في ذلك الوقت ، فطلب أبو ذيب من جاره العياد أن يأذن له بالرحيل إلى جماعته ليساعدوه على طلاء إبله وعلاجها من هذا الداء وأيضا كي لا تنتقل العدوى إلى حلال جاره الخمعلي ، فرفض عياد ذلك رفضا قاطعا ولم يسمح له بالرحيل مبديا استعداده للمساعدة في علاج الإبل حتى وإن كلفه ذلك بيع كل حلاله في سبيل توفير الطلاء ولوازمه ، وحاول أبو ذيب مرارا وتكرارا اقناع جاره ولكن دون جدوى ، وأخيرا قرر أبو ذيب أن يذهب لجماعته لوحده فذهب وأخبرهم بما حدث وأخبرهم بموقف جاره العنزي من رحيله ، فعذلوه جماعته ورفضوا أن يرهق جاره بتلك المصاريف ، عندها قال لهم أنه لا يستطيع الرحيل إلا بإذن جاره وعليهم أن يأتوا معه لإقناعه ، فذهب مجموعة منهم إلى عياد وطلبوا منه السماح لأبو ذيب بالرحيل واستطاعوا في نهاية الأمر اقناعه ولكنه طلب منهم الانتظار حتى يذهب لمكان بعيد كي لا يرى سقوط بيت جاره ، وحين ابتعد الخمعلي عنهم أتموا القوم الغرض الذي أتوا من أجله ورحلوا إلى ديارهم ، وعندما عاد الخمعلي ورأى المكان خاليا تأثر تأثرا بالغا وحزن حزنا شديدا على فراق جاره وصديقه فقال هذه القصيدة :
تصافقن بالصدر من حر مابه
وردن كما ورد القطا باللواهيب
يا عمر رقي الرجم مابه ثابه
والولف يخلج بالجزم شمّخ النيب
من شوفتي للدار ينعق غرابه
ما بقى ألا موقد النار وحطيب
يا دار يا دار الخطأ والخيابه
يا ماقع الحقران والمكر والعيب
طشيتي الخلان طش الكعابه
يا دار يا دار الخطأ وين أبو ذيب
والله يا لولا الخوف وأدرا العتابه
لأتبع مظاهيره على الكره والطيب
والله يا لولا اللي بمحكم كتابه
لأصيح من بين العرب وأشلق الجيب
من خلقت الدنيا ودور الصحابه
وتركيبة السنة على نوح وشعيب
ومن خلق ضلعانه وبثّت ترابه
ما تأتي الرفقة بخرطٍ وتلعيب
ألا بشيمان العرب والحبابه
ورخص الحلال بحزّته والمواجيب
ولا حصل مس الرشا واكترابه
لأقفيت واستسلمت نفسك عنه عيب
قلته على ما قال متعب ركابه
رأيه يحل محكمات اللواليب
|