منتديات قبائل ال تليد

منتديات قبائل ال تليد (https://www.al-taleed.com/vb/index.php)
-   - القسـم الاسلامـي (https://www.al-taleed.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   آعمـآل القَلوبْ (https://www.al-taleed.com/vb/showthread.php?t=28818)

نسيم الجنوب 05-06-2016 02:36 PM

آعمـآل القَلوبْ
 





أن القَلْب بَيْت الرَّبّ تعظيما وإجلالا وإفرادا ، كان لا بُدّ للقَلْب أن يُوحِّد الله ويُفرِده بأعماله ..
ومِن هنا كان تصحيح أعمال القلوب أحبّ إلى الله مِن تصحيح كثير مِن أعمال الجوارح ؛ لأنها إذا صَلَحت أعمال القلب صلَحت سائر الأعمال ..
إذ القَلْب هو الأصل ، والأعمال ثَمَرة ، والقلب مَلِك ، والأعضاء جنوده ..

وفي الحديث : ألا وإن في الجسد مُضْغَة ، إذا صَلَحت صَلَح الجسد كله ، وإذا فَسَدت فَسَد الجسد كله ، ألا وهي القلب . رواه البخاري ومسلم .

قال أبو هريرة : القلب مَلِكٌ والأعضاء جنوده ، فإذا طاب الملك طابَتْ جنوده ، وإذا خَبُثَ الملك خَبُثت جنوده .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقول أبي هريرة تَقْرِيب ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم أحسن بَيَانًا ؛ فإن الملك وإن كان صالحا فالْجُنْد لهم اختيار ، قد يَعْصُون به مَلِكَهم وبالعكس ، فيكون فيهم صلاح مع فَسَاده ، أو فَسَاد مع صَلاحِه ، بِخلاف القلب ؛ فإن الجسد تابِع له لا يَخرج عن إرادته قط ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا صَلَحت صَلَح لها سائر الجسد ، وإذا فَسدت فَسد لها سائر الجسد "
فإذا كان القلب صالحا بما فيه من الإيمان عِلْما وعَملاً قَلْبِيا ، لَزِم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق . اهـ .
وإن مِن أجلّ أعمال القلب إفراد الله تعالى بالتوكّل عليه .

والتوكّل : هو اعتماد القلب على الله ، والـثِّقَة بما عنده سبحانه وتعالى ، واليأس مما في أيدي الناس . كما قال ابن القيم .
وقال في كِتاب " الفوائد " : وسِرُّ التَّوَكًّل وحَقِيقَتُه : هو اعْتِمَادُ القَلَبِ عَلى اللهِ وحْدَه . اهـ .
وأن لا يَلتَفِت إلى الأسباب ، وإن عَمِل الأسباب لأنه مأمور بها ، إلاّ أنه يعمل بالأسباب ثقَة بِمُسبب الأسباب ..
وأعلى مقامات التوكّل مقامات الأنبياء ..

فَعِندما أُفْرِد خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وحيدا فريدا في المنجنيق ليُرْمَى في النار ، كانت ثقته بالله عزّ وَجَلّ ، ولم يلتفت إلى غيره ، فقال : حسبنا الله ونِعْم الوكيل ، فأتى الأمر مِن فوق سبْع سماوات : (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ) فَوَقَاه الله شرّ النار وشرّ الأشرار .
وعندما خَرَج نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام ببني إسرائيل ، ولحقه فرعون وجنوده ، قال بنو إسرائيل : إنّا لَمْدُرَكون ، فقال موسى عليه الصلاة والسلام بِلسان الواثق بالله عزّ وَجَلّ (كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) ، وهو يَرى البحر مِن أمامه والعدو مِن خَلْفه ، فما أسْرع ما أتاه الفَرَج لِثقته بالله عزّ وَجَلّ (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) .

وعندما نامَ نَبِيُّنا صلى الله عليه وسلم تحت شجرة وعَلَّق سَيفه بِتلك الشجرة ، جاءه رجل من المشركين ، فاخْتَرَط السيف ثم قال : مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهُ . كما في الصحيحين . فَمَنعه الله بِثقته به وتوكّله عليه .
ولَمّا طابَتْ قلوب المؤمنين بالتوكُّل على الله ، وصَدَقَتْ في توكّلها عليه ؛ جزاهم بِما توكّلوا عليه جنة وحريرا ، وأدخلهم الجنة بِغير حِسَاب ..
ففي الحديث : يدخل الجنة مِن أمتي سبعون ألْفًا بغير حساب : هم الذين لا يَسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون . رواه البخاري ومسلم .

فالقاسِم الْمُشْتَرَك بين هذه الأفعال : أنهم على ربهم يتوكّلون ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : الذي عليه الجمهور أن الْمُتَوكِّل يَحْصل له بِتَوكّله مِن جَلْب المنفعة ودَفْع الْمَضَرَّة ما لا يَحْصل لغيره ، وكذلك الداعي . والقرآن يَدُلّ على ذلك في مواضع كثيرة . اهـ .
وكُلَّما كان توكّل الإنسان على الله أقوى وأتمّ نَفَعه تَوَكّله ..
ولا يجوز أن يلْتَفِت القلب في تَوَكّله على غير الله ..
سواء كان ذلك بِجَلْب نَفْع ، أو دَفْع ضرّ ..

قال الله عزّ وَجَلّ لِنبِيِّـه صلى الله عليه وسلم : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) وقال له سبحانه : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ)
وأمَر المؤمنين بما أمَر به الْمُرْسَلين ،
فقال : (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)
ذلك لأن التوكّل لا يَصلح إلاّ على الحي الذي لا يموت ، لا إله غيره : (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) .
ولَمّا الْتَفَت قَلْب يوسف عليه الصلاة والسلام إلى بَشَر مثله لَبِث في السجن بِضْع سنين .

قال ابن عباس رضي الله عنهما : عَثَر يوسف عليه السلام حين قال : ( اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) ، فَلَبِث في السجن بِضع سِنين ، وأنْسَاه الشيطان ذِكْر رَبِّـه . رواه ابن جرير في تفسيره .
وقال ابن عباس أيضا : عُوقِب يوسف بِطُول الحبس بِضع سنين لَمَّا قال للذي نجا منهما " اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ" ، ولو ذَكَر يُوسف رَبه لَخَلَّصَه .

فَكُلَّمَا كان اعتماد القلْب على الله أقوى ، كان حُسْن ظنِّ العبد بِربّه أعظم ؛ وكُلّما كان ذلك كذلك كان أسْرع إلى نَيْل المطلوب وتحقيق المقصود .
وقد تكفّل الله عَزّ وَجَلّ بِكفاية مَن توكَّل عليه ، فقال : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) .
قال الفضيل : والله لو يَئستَ مِنَ الْخَلْق حتَّى لا تُريد منهم شيئا ، لأعطاك مَولاك كُلَّ ما تُريد .
قال ابن رجب : ومِن لطائف أسْرار اقْتران الفَرَج بالكَرب واليُسر بِالعُسر : أنَّ الكربَ إذا اشْتدَّ وعَظُمَ وتَنَاهى ، وحَصل للعبد الإياس مِن كَشفه مِن جهة المخلوقين ، وتَعَلَّق قَلبُه بالله وحده - وهذا هو حقيقةُ التوكُّل على الله - وهو مِن أعظم الأسباب التي تُطلَبُ بها الحوائجُ ، فإنَّ الله يَكْفي مَن توكَّل عليه

فزاع 05-06-2016 06:20 PM

رد: آعمـآل القَلوبْ
 
طرح قيم .. جزيتي خيراً نسيم .. بارك الله فيك

نسيم الجنوب 05-15-2016 01:06 AM

رد: آعمـآل القَلوبْ
 
مشكور راعي الفزعه ع تواجدك


الساعة الآن 01:03 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
استضافه ودعم وتطوير وحمايه من استضافة تعاون