منتديات قبائل ال تليد

منتديات قبائل ال تليد (https://www.al-taleed.com/vb/index.php)
-   - مسـاحةُ بِلا حُدود" (https://www.al-taleed.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   آداب الحوار للعاقل (https://www.al-taleed.com/vb/showthread.php?t=7155)

ابو فواز 09-02-2010 05:44 PM

آداب الحوار للعاقل
 
الحوار
كلمة جميلة رقيقة
تدل على التفاهم والتفاوض والتجانس


ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم في قوله: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ) [الكهف: 37]، ويوم أن تحاور عليه الصلاة والسلام مع المرأة الضعيفة المسكينة التي تشكو من زوجها، قال سبحانه: (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا) [المجادلة: 1]؛ فسمع الله هذا الحوار – وسع سمعه السموات والأرض جل في علاه- ونَصّ عليه في كتابه العزيز رِفعة لشأن الحوار وإثباتاً

لأهميته.

وقد ميّز الله الإنسان عن غيره من المخلوقات بصفة الكلام والحوار، وأثنى على ذلك في آيات كريمات:
ففي التحاور مع الأبناء: (يَا بُنَيَّ) [لقمان: 13] كما قال لقمان عليه السلام لابنه،
وفي التحاور مع أهل الكتاب (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ) [آل عمران: 64]
وفي التحاور مع المشركين: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) [التوبة: 6]

وثمرة الحوار هو الوصول إلى الحق، فمن كان طلبه الحق وغرضه الحق وصل إليه بأقرب الطرق، وألطفها وأحسنها، والطريق الواضح هو طريق الحوار الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يحمل السيف، قال سبحانه: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ) [الحديد: 25]، فقبل أن يرسلهم بالسيوف القاطعات والرماح المرهفات، أرسلهم بالآيات والبينات، وكما يقول ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: 'إن الأنبياء بعثوا بالحجج والبراهين، والخلاف واقع في الأمة'، قال سبحانه: (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) [هود: 118، 119] قيل (اللام) هنا ليست للقصد ولا للسبب عند بعض المفسرين وإنما للصيرورة، وقيل: إن الله – سبحانه وتعالى- خلقهم، فنوع في مفاهيمهم ومواهبهم، فوقع الخلاف في ذلك..

والخلاف في الأمة على قسمين:
أ‌- خلاف تنوع: وهو الذي يُسلك في الفروع لا في الأصول، وفي الجزئيات لا في الكليات.
ب‌- خلاف تضاد: وهو المذموم، قال سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 105]، وهم الذين يخالفون في القطعيات، وثوابت الأمة، وأصول الملة، فهذا خلاف مذموم.

آداب الحوار:

أعرض هنا ثلاثة عشر أدباً من آداب الحوار:

1- الإخلاص والتجرد:
على المحاور أن يتجرد من التعصب؛ فلا يعقد التعصب لفرقته أو مذهبه أو فكرته، ثم لا يقبل منك، ويريد أن تسلم وتقر له دون أن يناقشك.

2- إحضار الحجة:
فإن صاحب الحجة قوي، قال الشافعي: 'من حفظ الحديث قويت حجته'، وأما أن يأتي إنسان بكلام فضفاض وعاطفي وإنشائي ويقول بأنه يحاور الناس ويجادلهم، فهذا ليس صحيحاً. والحجة إما أن تكون عقلية قاطعة، أو نقلية صحيحة.

3- السلامة من التناقض:
فإن من الواجب على المحاور أن لا يناقض كلامه بعضه بعضاً؛ لأن بعض الناس -لقلة بصيرته-, يأتي بكلام ليس مترابطاً في موضوع واحد وإنما يتعارض مع بعضه.

4- الحجة لا تكون هي الدعوى:
كأن يقول أحدهم: ما دام أني قلت هذا القول، فقولي هذا حجة ودليل. ويزكي نفسه، وبعضهم يحسب قوّته بطول عمره.

5- الاتفاق على المسلّمات:
فالأصول لا يُناقش فيها ولا يُحاور. ففي الملة ثوابت لا ينبغي أن نضيع أوقاتنا بالجلوس لمناقشة الأصول الثابتة؛ كألوهية الباري سبحانه وتعالى، واستحقاقه للعبودية جل في علاه، وأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- رسول الله، وأن أركان الإسلام خمسة. فهذه أمور مسلّمات ومقررات مجمع عليها، وفي مناقشتها تشويش على الناس، وتضييع لوقتك وأوقات الآخرين.
ويجب الانتباه إلى أن هذه المسلّمات قد تختلف باختلاف المحاوَر كأهل الكتاب أو الكفار أو المشركين.

6- أن يكون المحاوَر أهلاً للحوار:
فلا تأتِ برجل مشهور عنه الجهل والنزق والطيش وتحاوره، لأن أذاه أكثر من نفعه.

7- نسبة القرب والبعد من الحق:
فالأمر نسبي، إذ لا يشترط دائماً أن يكون مئة بالمئة: فإن وافقني في كل شيء فهو أخي أتولاه وأدعو له في أدبار الصلوات، وإن خالفني فهو عدوي أتبرأ منه وأدعو عليه.. لا!
ورحم الله ابن قدامة إذ يقول في كتابه 'المغني': 'وأهل العلم لا ينكرون على من خالفهم في مسائل الاختلاف'.

8- التسليم بالنتائج :
فإذا توصل المتحاورون في حوارهم إلى أمور، فعلى المغلوب أن يسلم للغالب، وهذا من طلب الحق، يقول عبد الرحمن بن مهدي: 'إن أهل الخير وأهل السنة يكتبون ما لهم وما عليهم'.

9- المحاورة بالحسنى:
يقول العلماء –كأبي حامد الغزالي في الإحياء-: أن تحاوره فلا تتعرض لشخصه، ولا لنسبه وحسبه وأخلاقه، وإنما تحاوره على القضية.

10- الإنصاف في الوقت:
فإذا حاورت إنساناً فلا بد أن تتفق معه، وتقول له: تصبر لي وتسمع مني حتى أنتهي، وأصبر وأسمع منك حتى تنتهي، لك خمس دقائق ولي خمس دقائق –مثلاً- أو لك نصف ساعة ولي نصف ساعة، لا تقاطعني ولا أقاطعك.

11- حسن الإنصات:
فكما تطلب من محاورك أن يُحسن الإنصات، والاستماع إليك -وهو من الأدب- فعليك أن تستمع له إذا حاورك؛ لأن بعضهم ينقصه حسن الإنصات، وحسن الإنصات من حسن الخلق.



وصدق الله العظيم إذ يقول: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل 125].

ابو عامر 09-04-2010 01:13 AM

رد: آداب الحوار للعاقل
 
ابو فواز بارك الله فيك ويعطيك الصحة والعافية

موضوع رائع الف الف شكر

تحياتي لك

ابو فواز 09-04-2010 01:29 AM

رد: آداب الحوار للعاقل
 
شكرا لمرورك العذب المميز
اسعدني هذا الحضور الرائع

أبوفيصل 09-04-2010 01:59 AM

رد: آداب الحوار للعاقل
 
الحوار من أساسيات استمرار الوجود ووجود الحضارات ولولا الإختلاف لأنقرضت الأمم والأجيال وهذه سنة الله في خلقه...وكما ذكرت أخي أبوفواز فإن الحوار فن وأدب من الآداب يجب الألتزام بقوانينه وضوابطه لكي يصل المتحاورون إلى نتيجة مرضية ..
هناك أمر نجده اليوم من بعض المتحاورين وأخص في الجانب الإعلامي فهناك من يحاور ويختلق نقاط الحوار لا لشيء سوى للظهور وإثارة البلبلة وليس له من هدف يرجو من خلال حواره تحقيقه رغم زعم أكثرهم أنهم يحاورون للصالح العام.
شكرا جزيلا مديرنا الغالي أبوفواز تقبل مروري.

ابو فواز 09-04-2010 04:25 AM

رد: آداب الحوار للعاقل
 
الشكر لطلتك المميزة واضافتك الجميلة
وانت صاحب فكر مميز وعندما اراك في مواضيعي افرح لاني اعرف بانك سوف تضيف للموضوع ما يزيده جمالا
الف الف شكر اخي ابا فيصل

من يعالج الطبيب 09-04-2010 03:52 PM

رد: آداب الحوار للعاقل
 
صدقت أخي ابو فواز: الحوار الحقيقي هو ذلك الذي يقارع الحجة بالحجة بأدب.

إن هذا النوع من الحوار خليق بأن يزيد كم المعرفة ونوعيتها ويعزز أسباب التقدم والنهضة على مختلف الصعد، ذلك أن النقد معرفة جديدة تؤسِّس لمعرفة جديدة. أما "اللاحوار" الذي يلبس لبوس الحوار فيكرس الجمود والأوضاع الفاسدة على مختلف المستويات، كالماء الآسن: أنّى للظمآن أن يرتوي منه!!

ومن الجدير بالملاحظة أن الهدف الأساس من الحوار الاتفاق! أليس كذلك؟!

تقبل مروري مع الشكر... من يعالج الطبيب

أمـــــــــــــيـــــرة 09-05-2010 11:18 PM

رد: آداب الحوار للعاقل
 
ابوفواز

تسلم يمينك على طرحك الاكثر من رائع
تحياتي الك تقبل مروري

ابو فواز 09-06-2010 03:58 AM

رد: آداب الحوار للعاقل
 
من يعالج طبيب
اضفت لموضوعي اضافة مميزة
شكرا لحوارك اللطيف
لك مني اجمل تحية

ابو فواز 09-06-2010 04:03 AM

رد: آداب الحوار للعاقل
 
اميرة ايعدني مرورك
وتواجدك الرائع


الساعة الآن 11:35 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
استضافه ودعم وتطوير وحمايه من استضافة تعاون