منتديات قبائل ال تليد - مرثية الشيخ محمد المهدي في شيخ الاسلام ابن باز رحمه الله

مرثية في امام العصر وشيخ الاسلام ومفتي الأنام

سماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله تعالى ـ في صفر 1420هـ

للشيخ الفاضل محمد بن محمد المهدي من علماء أهل السنة في اليمن

رزئ الدعاة بسيد العلماء
وأجلِّ من في الأرض من حُكماء

نبأ يقطع أكبداً وحناجراً
يا للمصاب وأسوأ الأنباء!!

في كل بيت للرزية نكبة
وبكل نفس حسرة الأرزاء

فلقد مضى ( عبد العزيز ) وموته
دفنٌ لسنة سيد البطحاء

رحل التواضع والتراحم والصفا
ومصالح الطلاب والفضلاء

وقيادة ومعارف وشهامة
والحلم بعد قيادة الأمراء

أنسى المصاب مصائب الدنيا وقد
جاءت بجحفلها من الأرجاء

عجباً مضى ( عبد العزيز ) وهذه
أمم تعيش وراءه برخاء!!

كيف البقاء وقد تغيب بدرها
والأفق أظلم بارتحال ذُكاء (1 )

ما كان شيخ المسلمين بـ ( نجدنا )
و( حجازنا ) وتوابع ( الأحساء )

و( الشام ) و( اليمن ) المحب وإنما
شيخ الجميع ودونما استثناء

إني هنا في ( إب ) بعض مصائبي
والناس قد جلت عن الإحصاء

والناس تفدي الشيخ لو قُبل الفدا
نفسي الفداء لمفتيَ العلماء

فلقد علمنا أن منـزله علا
بالعلم فوق سيادة العلماء

مات الولاة فلم نُصَب في مقتل
بل موت جلهم صفا الدنياء

لكن موت الصالحين وشيخهم
نقص لهذه الأرض والأرجاء

هي سنة الله الحكيم فكلنا
سارٍ على درب البلى وفناء

يبكي المحب حبيبه لكنما
ما رد أشياخي الكرام بكائي

كان البصير بعلمه وبحلمه
وبحكمة وتعاون وذكاء

ولكم رأينا مبصراً كالباز لـ
كن قبله في ظلمة وعماء

شر من العين الفؤاد عماية
وعمى القلوب تغلُّب الأهواء

تبكي الملوك وقادة لخلوصه
بالنصح دون إثارة الغوغاء

قد غاب شيخ المسلمين فحسرتي
من ذا يقود بعزة قعساء

فليفرح الحاخام والبابا ومن
جبلوا على البغضاء للسمحاء

يهنا الروافض والخوارج موته
وليعبثوا بعقائد الدهماء

أيقودنا من يحملون شهائداً
وسوادهم في عيشة ضنكاء

كم من دكاترة تكبر جلهم
لغرورهم بمدائح جوفاء

يتحدثون عن النظام وحالهم
جنب الغرور يعيش في الفوضاء

وهمُ تلاميذٌ صغار ريثما
يتعلمون تخلق الفضلاء

درسوا التكبر والتطاول طفرة
والكبر أبعد من هدى العقلاء

من ذا يقود المسلمين لألفة
وذوو الصدارة من ذوي البغضاء؟!

من للشفاعة للضعيف ونفعه
بقضاء حاجات لدى الكبراء؟!

ولمن تكون الأمهات وشرحها
والجَمْع عند تضارب الآراء؟!

وإذا تجاورت الكبار وقد مضى
أخشى على العقلا من الغوغاء

وإذا الدعاة تنازعوا فمن الذي
يقضي بعدل بينهم وإخاء؟!

ويسوسهم كأب حنون ناصح
لهم برفق الأصل بالأبناء

ناحت عليه مدارس ومساجد
ومعاهد للسنة الغراء

والجامعات وقد أدار شيوخها
ومجمعات الفقه بالفقهاء

أفلا اقتدى بالشيخ من جبلوا على
جرح لمن قد مات والأحياء

أفلا اهتدى بسماته من أوقدوا
نار الخلاف بظلمة الآراء

(عبد العزيز) وكان أكبر ناصح
للمسلمين وقاهر الأعداء

وحياته درس لكل من اقتدى
بالمصلحين وعزة العلماء

فيه الرجولة والتواضع جامعاً
لمناقب عظمت على الإحصاء

قد كنت أزمعت الصيام فلم أقل
شعراً ولكن فاض بحر بلائي

فلَوَ ان هذا الهول يطرق صخرة
صماء صارت أشعر الشعراء

ولو أن أهل الشعر لم يرثوا لما
ساويتهم بالصخرة الصماء

والنائحات لأجرة لبكائهن
ثمن العطاء ولسن كالثكلاء

لولا التثبت منهجي وعقيدتي
سلفية لوقعت في الغلواء

وجزمت أن الشيخ فاز بعفوه
وغدا من الأبرار والسعداء

لكنني أرجوا النجاة لشيخنا
والفوز بالفردوس خير رجاء

قد أجمع العلماء في مدح له
إجماع من مدحوا أبا الحنفاء

والناس منهم واحد كجماعة
وجماعة كالفرد في الجدواء

هي محنة يا رب فوق مصائب
فالطف بنا نرضى بكل قضاء

يا رب هذا شيخنا قد أكمل التـ
ـسعين معتزاً بحمل لواء

فاقبل شفاعتنا فأنت رجاؤنا
وجميع من أهدوا له بدعاء

وارزق عبيدك في القيام شفاعة
واجعله لي من جملة الشفعاء

يا رب فاجعل في النعيم مقامه
ليكون في هذا المصاب عزائي

أنت الكريم وأنت أعظم محسن
أنت الرحيم وغافر الأخطاء

إني رثيت لذا المصاب مشايخي
وكأن في هذا الرثاء رثائي

( 1 ) ذُكاء من أسماء الشمس